الارض

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا محمد

الأرض كلمة غنية عن التعريف،هي هذه الكرة التي نعيش عليها وهي ثالث كواكب المجموعة الشمسية بعدًا عن الشمس بعد عطارد والزهرة، وتعتبر خامس أكبر الكواكب في النظام الشمسي،وذلك من حيث قطرها وكثلتها وكثافتها، ويطلق على هذا الكوكب أيضًا اسم العالم واليابس.

تعتبر الأرض مسكنًا لملايين الأنواع  من الكائنات الحية، بما فيها الإنسان؛ وهي المكان الوحيد المعروف بوجود حياة عليه في الكون. 

ولكن هذه الكلمة ليست مقصورة على الارض التي نعيش عليها إذ  ان كل شئ يَسْفَلُ عليك يقال له في العربية ارض قال الشاعر يصف الفرس
وأحمَرَ كالديباج أما سماؤه = فَرَيًا أما أرضه فَمُحول
يعني ان اعالي هذا الفرس ممتلئة وان قوائمه دقيقة فسماء هذا الفرس اعلاه ،وأرضه قوائمه
وقال صاحب اللسان يقال بعير شديد الارض اذا كان شديد  القوائم
قال الزمخشري من اطاعني كنت له ارضا يعني التواضع
وكانوا يقولون للغريب هو ابن ارض يريدون انه غريب لا يعرف له أم أو أب
قال الشاعر
دعاني ابن أرض يبتغي الزاد بعدما = ترامت به حليمات ٌوأجاريد
والارض تؤنت ففي الصحاح والقاموس:  الارض مؤنتة
وفي اللسان “: الارض التي عليها الناس أنثى.   قال تعالى ” إذا زلزلت الارض زلزالها وأخرجت الارض أثقالها “
وفي كتاب الله كلمة أرض لها مدلولات آخرى غير الارض التي نعيش عليها كقوله تعالى :
يوم تبدل الارض غير الارض والسموات
ويجعلكم خلفاء الارض
يمسك السماء ان تقع على الارض الا بإدنه ان الله بالناس لروؤف رحيم
ومن اياته ان تقوم السماء والارض بأمره

وفيما يلي نقل من موضوع استاذنا الفاضل ابن المبارك

يقول في الموضوع العرفاني : من اسرار الرسم القرءاني:

 يجب التمييز بين قوله تعالى﴿خَلَٰٓئِفَ ٱلۡأَرۡضِ ﴾و﴿خَلَٰٓئِفَ فـــــِي ٱلۡأَرۡضِ).

1=﴿وَهُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَٰٓئِفَ الْأَرْضِ﴾(الانعام) تشير من حيث المعنى الباطني إلى أولياء الله ومقاماتهم لذا أتبعها قوله تعالى﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ درجـــٰت وحذفت ألف خَلَٰٓئِفَ لأن الفتوحات والعلوم اللدنية تختلف حسب التجليات الإلهية، وتختلف من عارف لعارف،ومن زمان لآخر،وحذفت ألف درجـــٰت كذلك.  

2=﴿ ثُمَّ جَعَلْنَاكُمْ خَلَٰٓئِفَ فِـــي الْأَرْضِ مِنْ بَعْدِهِمْ لِنَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ﴾(يونس 14)﴿هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَٰٓئِفَ فِـــي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ﴾(فاطر 39).هذه إشارة إلى الخلافة العامة لكل البشر،أي عمران الأرض،والتناسل،ووردت محذوفة الألف لاختلاف دياناتهم،ولإختلاف ألوانهم،وألسنتهم ،ومساكنهم، وحِرفهم.فيهم القوي والضعيف،الغني والفقير…                                                    أما قوله تعالى﴿فنجينَٰهُ  وَمَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ وجعلنَٰهم خَلَٰٓئِفَ وَأَغْرَقْنَا الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا﴾خاصة بنوح ومن ركب الفلك معه﴿وجعلنا ذريته هم الباقين﴾.أما قوله تعالى﴿خُلَفَاءَ الْأَرْضِ﴾فهي تشمل المومن،والكافر وهي خاصة بكل من برز،في علم من العلوم الدنيوية،وبأصحاب الإكتشافات… والبحوثات، والعباقرة، والملوك والرؤساء…والقادة فهي تشير إلى الخلافة الدنيوية الظاهرة المتميزة لأشخاص أو لقوم.فقد نعث بها الحق تعالى قوم عاد ﴿أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ ﴿وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً﴾ قوم عاد تميزوا بطول قاماتهم وقوة أجسادهم.قال تعالى﴿فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ﴾﴿فَأَمَّا عَادٌ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِّ وَقَالُوا مَنْ أَشَدُّ مِنَّا قُوَّةً أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّ اللَّهَ الَّذِي خَلَقَهُمْ هُوَ أَشَدُّ مِنْهُمْ قُوَّةً﴾وقوم ثمود﴿وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ عَادٍ وَبَوَّأَكُمْ فِي الْأَرْضِ تَتَّخِذُونَ مِنْ سُهُولِهَا قُصُورًا وَتَنْحِتُونَ الْجِبَالَ بُيُوتًا فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ﴾وأي قوة أكبر من نحت الجبال. ف(خلفاء)هي بِجعلٍ من الله، وهي من آلآء الله، وسياق الآية جاء في عَدِّ نعم الله تعالى على الخلائق ﴿أَمَّنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَأَنْزَلَ لَكُمْ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَنْبَتْنَا بِهِ حَدَائِقَ ذَاتَ بَهْجَةٍ مَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُنْبِتُوا شَجَرَهَا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ هُمْ قَوْمٌ يَعْدِلُونَ (60)أَمَّنْ جَعَلَ الْأَرْضَ قَرَارًا وَجَعَلَ خِلَالَهَا أَنْهَارًا وَجَعَلَ لَهَا رَوَاسِيَ وَجَعَلَ بَيْنَ الْبَحْرَيْنِ حَاجِزًا أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ (61)أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ (62) أَمَّنْ يَهْدِيكُمْ فِي ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَنْ يُرْسِلُ الرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ (63 )(النمل) ﴾.فمن نعمه تعالى على الإنسان أن جعل بعضهم خلفاء الأرض﴿ويجعلكم خلفاء الأرض﴾ بالمضارع الذي يفيد التجدد والاستمرارفتقدمت الصناعات وتطورت التكنولوجية وظهرت الطائرات والباخرات والهواتف الذكية…كل هذا مِنْ فضل الله أن جعل منا خلفاء ﴿خُلَفَاءَ الأَرْضِ﴾ ﴿أإله مع الله قليلا ماتذكرون﴾.

اتبع الحق سبحانه وتعالى في سورة الانعام ﴿ خَلَٰٓئِفَ الْأَرْضِ﴾قوله﴿وَرَفَعَ بَعْضَكُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ﴾ولم تذكرمع قوله تعالى﴿خُلَفَاءَ الأَرْضِ﴾  انتهى .

ذة ام ايمن

897 : عدد الزوار