قال الله تعالى : { أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ } فالسر ما أضمروا وأخفوا في سريرتهم و ما حاك في قلوبهم، والنجوى ما تناجوا به بينهم …وفي كلتا الحالتين الله يعلم وكيف لا فهو ( عالم الغيب ) ( عليم بذات الصدور ) وجاءت في هذا السياق بصيغة مبالغة { وأن الله علام الغيوب } فما من غائبة عن إدراكنا إلا ويعلمها الله.
وقال جل شأنه : { أَمْ يَحْسَبُونَ أَنَّا لَا نَسْمَعُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ بَلَى وَرُسُلُنَا لَدَيْهِمْ يَكْتُبُونَ } انظروا بارك الله فيكم كيف عبر عن إحاطته بنا وعلمه بأسرارنا بالسمع في هذا الموضع وليس العلم .كيف يسمع سرهم وهم لم ينطقوا به ولم يتجاوز الكلام حناجرهم ؟؟؟؟…لو قال ( نعلم سرهم ) كانت مفهومة للعوام والخواص أما أن يسمع أسرارنا ؟؟؟ فالاسرار لها أصوات وآذانها حقية ولا يلقاها إلا من كان الحق سمعه ( لازال عبدي يتقرب الي …الحديث ).
قال سيدي محمد الكتاني رحمه الله : ” وبصرني ياسميع باسرار السمع المحمدي حتى نسمع كل آية قرآنية تشير وتنطق بما تضمنته من العلوم والفهوم والمعارف ….)
قال مولاي عبد السلام الوهراني رحمه الله : (اللهم صل و سلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد و على آل سيدنا ومولانا محمد صلاة ترشدني الى ميقات العطاءات الالهية وتسمعني النداءات السبحانية وتختارني لمناجاة الربوبية ..)
قال العارف بالله سيدي محمد بن المبارك: (….وتشنف سمعي بخطاب الامية [ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آَيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ] وصحبه وسلم ).
فالسر يُعلَم أو يُسمع ليس بآلات الوجه ولكن بآذان البصيرة ( لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ ) والشهيد بمعنى الحاضر أي حاضرا مع الله وليس غافلا. ولذلك نجد في القرآن اصطحاب السمع مع ( سميع عليم ) او ( سميع البصير ) لأن اول ما يفتح على السالك يكون في سمعه و السمع يجر الى العلم و المشاهدة، وذلك راجع الى حديث النوافل والقرب والحب إذ كان مبدؤه هو { كنت سمعه }
د.جمال .