مقام القربة في اشارات العارفين

مقام القربة في مراتب العارفين

بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين

اول من تكلم على هذا المقام وسماه بهذا الاسم هو الحكيم الترمذي في كتابه ختم الاولياء .وقد أنكر الغزالي وجود هذا المقام وقال مقولته الشهيرة :رقاب الصديقين لا تتخطى . 

ثم ذكره  الشيخ الاكبر ابن عربي في عدة اماكن من الفتوحات :

في ج 1 الصفحة 151 السطر 2 :”يقول  ….كما أمر الله تعالى نبيه أن يقول ” قل هذه سبيلي  ادعوا الى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني ” وهم أهل هذا المقام فهم في هذه الامة مثل الانبياء في بني اسرائيل”

وفي الفتوحات ج 2 ص 19:” مقام القربة هو مقام بين الصديقية والنبوة التشريعية وهو مقام جليل جهله أكثر الناس….وهو مقام النبوة المطلقة. “

أما في الجزء 2 الصفحة 252: يقول:
بين الولاية والرسالة برزخ **فيه النبوة حكمها لا يجهل
لكنها قسمان ان حققتها **قسم بتشريع وذاك الأول
عند الجميع وثم قسم اخر**مافيه تشريع وذاك الأنزل

في ج 2 ص 53  في معرض جوابه على اسئلة الترمذي: ” …..كان ينبغي أن يكون السؤال عن هذا بتفصيل بين نبوة الشرائع والنبوة المطلقة…ّ “…وإن كان سؤاله عن مقام الأنبياء من الاولياء .. وهي النبوة التي قلنا أنها لم تنقطع فإنها ليست نبوة تشريع……وكذلك الاولياء فمنهم من خُصُوا بعلم لا يحصل الا لنبي من العلم الالهي    “.

في ج 2 الصفحة 41 “……وهو مقام المقربين وفي هذا المقام يلتحق البشر بالملأ الاعلى”.

انظر كذالك ج2 ص 24 السطر .27. و ج2  ص25 السطر 5. والجزء2 من الصفحة 246الى 262 كلها اشارات الى مقام القربة. والجزء 2 الباب 161. وكذلك الجزء 1 الصفحة 149 و150 كلام  عن مقام القربة.

أما الامام عبد الكريم الجيلي رضي الله عنه يقول في الباب 63 من كتابه الانسان الكامل:أما القربة :فمبنية على سبعة أركان :الاسلام و الايمان و الصلاح والاحسان والشهادة و الصديقية والركن السابع :الولاية الكبرى ولها أربع حضرات …..ويقول أن الركن الرابع هو حضرة العبودية فيه سمى الله نبيه بعبده حيث قال” سبحان الذي أسرى بعبده “وفيه نبئ وأرسل الى الخلق ليكون رحمة للعالمين فليس للمحققين من هذا المقام الا التسمي بعبده سبحانه فهم خلفاء محمد  في جميع الحضرات ما خلا ما اختص به في الله مما انفرد به محتده عنهم فمن اقتصر من المحققين على نفسه فقد ناب عن محمد  في مقام النبوة ومن يهدي الى الله تعالى كسادتنا الكمل من المشايخ فقد ناب عنه في مقام الرسالة….فهم إخوانه الذين أشار اليهم بقوله (واشوقاه الى اخواني الذين يأتون من بعدي )الحديث.فهؤلاء أنبياء الاولياء يريد بذلك نبوة القرب و الاعلام والحكم الالهي لا نبوة التشريع لأن نبوة التشريع انقطعت بمحمد  فهؤلاء منبئون بعلوم الانبياء بلا واسطة. انتهى

تكلم عن هذا المقام كذلك الشيخ محمد الكتاني. يقول في كتابه البحر المسجور: “الخصائص الإلهية لا تنفعل بالخاصية بل عطاؤها مطلق غير مشوب بتقييد أوتحجيروهذا يا ولي من العدل الإلهي فانه أبرزأناسا وجعلهم أنبياء ورسلا ومكلفين ثم قرض عصرهم بخاتم النبيئين فانقرضت نبوة التشريع ولما علم الحق أنا نصل للحضرات فنجد هذا،فربما تنفطر قلوبنا حسرة على ما فاتنا من عَلِيِّ الرتب والمناصب فجبر كسرنا،و أَلْتَمَ زجاجتنا ببديع قسطاسه فخضنا بالسقي من الإسم الجامع”انتهى .فأولئك أولياء الله لاخوف عليهم ولاهم يحزنون كتب في قلوبهم الايمان وأيدهم بروح منه وأوجب لهم الرضى عنهم فقال رضي الله عنهم ووصفهم بانهم أهل الرضى عنه “ورضوا عنه ثم وصفهم بأنهم حزبه فقال أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم المفلحون.اهـــ.

فهؤلاء الفحول الثلاثة هم اصحاب مراتب الوجود رحمهم الله، و تكلموا كذلك عن مقام اخر: مقام التلوين في الأسماء الالهية

قلت : ولعل هذا المقام هو الذي اشار اليه الحديث:يا أيُّها النَّاسُ اسمعوا واعقِلوا و اعلَموا أنَّ للهِ عزَّ وجلَّ عبادًا ليسوا بأنبياءَ،ولا شهداءَ،يغبِطُهم النَّبيُّون والشُّهداءُ على منازلِهم وقُربِهم من اللهِ ،فجاء رجلٌ من الأعرابِ من قاصيةِ النَّاسِ ،وألوَى بيدِه إلى النَّبيِّ  فقال :يا رسولَ اللهِ ناسٌ من النَّاسِ ليسوا بأنبياءَ ولا شهداءَ يغبِطُهم الأنبياءُ والشُّهداءُ على مجالسِهم ،وقُربِهم من اللهِ انعَتْهم لنا جَلِّهم لنا – يعني صِفْهم لنا شكِّلْهم لنا،فسُرَّ وجهُ النَّبيِّ  بسؤالِ الأعرابيِّ ،فقال رسولُ اللهِ : هم ناسٌ من أفناءِ النَّاسِ،ونوازعِ القبائلِ لم تصِلْ بينهم أرحامٌ مُتقارِبةٌ،تحابُّوا في اللهِ وتصافَوْا،يضعُ اللهُ يومَ القيامةِ منابرَ من نورٍ فيجلِسون عليها،فيجعلُ وجوهَهم نورًا،وثيابَهم نورًا،يفزَعُ النَّاسُ يومَ القيامةِ ولا يفزعون وهم أولياءُ اللهِ لا خوفٌ عليهم ، ولا هم يحزنون. الراوي: أبو مالك الأشعري المحدث: المنذري -المصدر:الترغيب والترهيب -إسناده حسن.

محمد بن المبارك

المعهد الفاطمي المحمدي

1٬412 : عدد الزوار