تقديم هارون على موسى

تقديم هارون على موسى

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه وسلم.

قال تعالى :(فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى  قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ) (طه – 70) 
هذه هي الاية الوحيدة التي ذكر فيها هارون قبل موسى عليهما السلام .    

وتم تقديم موسى على هارون عليهما السلام في موضعين وهما :
” وأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قالوا آمنا برب العالمين رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ فِرْعَوْنُ آمَنتُم بِهِ

قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ (الاعراف – 122)
” فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ قالوا ءامنا برب العالمين رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ قَالَ آمَنتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ  إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ (الشعراء – 48)

الايتان التي سبق فيهما ذكر موسى ورد بهما ذكر”رب العالمين “وموسى عليه السلام “رسول من رب العالمين” وهو المسؤول الرئيسي عن الرسالة ” وقال موسى يا فرعون إني رسول من رب العالمين”. فاقتضى سياق الاية ذكره قبل هارون .

اما اية طه فلم يرد بها ذكر”رب العالمين ” فقدم هارون لأن سيدنا موسى  عليه السلام لم يكن يحاور السحرة لعدم فصاحة لسانه قال تعالى ” احلل عقدة من لساني يفقهوا قولي “و طلب ارسال اخيه معه “واخي هارون هو افصح مني لسان” فكان هارون الناطق الرسمي باسم موسي  واظن ان هذا من الدوافع التي جعلت السحرة يقدمون هارون على موسى عليهما السلام.لذا قال فرعون ” ءامنتم له ” اي لشخص هارون.

في الاية الاعراف “ءامنتم  به” أي  بالله رب العالمين  وفي اية الشعراء “ءامنتم له”  أي  بموسى.

في طه قال تعالى ” فألقي السحرة سجدا” سجدا ،جمع ساجد وهو جمع تكسير يتساوى الساجدون  بينهم في السجود.والإلقاء هو الطرح على الأرض . وأسند الفعل إلى المجهول

كأن أحدا أمسكهم  وألقى بهم  سجدا، دون شعور منهم ،واظن ان ضمير المجهول عائد على معجزة موسى.

اما في الاعراف والشعراء “فألقي السحرة ساجدين” ساجدين جمع المذكر السالم ومحذوفة الألف تبين انهم غير متساوين في السجود وغير متساوين في الايمان.

لذا أطلق  سبحانه وتعالى  اسم السحرة عليهم فى حال سجودهم له ،وإيمانهم به ، ولأنه ليس سحرا يفرق بين المرء وزوجه إنما هو سحر لأعين الناس ” وسحروا اعين الناس” . واذا تأملنا المسألة منطقيا أهم في حقيقة الأمر قالوا “ءامنا برب هارون وموسى” أم قالوا “ءامنا برب موسى وهارون” ؟؟ ولا شك انهم قالوا القولين ،ونقل  لنا القرآن كل ما حدث وبالتالي فهم فريقين . فريق رآى ان هارون هو الذي كان يحاورهم وراعوا كذلك كبر سنه على اخيه فحكموا على الأمور بظاهرها ،والفريق الثاني هو المتحقق بموسى صاحب الرسالة وعاينوا الحية التي تلقفت ما صنعوا وعرفوا أن ما جاء به موسى  ليس من السحر البتة .

وهناك مسألة اخرى ذوقية  قال تعالى “فَأْتِيَاهُ فَقُولَا إِنَّا رَسُولَا رَبِّكَ(طه 47) نسبا انفسهما الى الربوبية الراجعة على فرعون”ربك”(أنت يا فرعون) وهوالقائل “وما رب العالمين ” والقائل”انا ربكم الاعلى” و لفرعون عقيدته  الخاصة في الربوبية،ومن المعروف عند أهل الله أننا نختلف في استمدادنا من الربوبية لهذا قالت الانبياء ” الله ربنا وربكم ” ولم نجمع معهم في ضمير واحد .فموسى يستمد من دائرة وهارون من دائرة اخرى لهذا جاءت التثنية : “رسولا ” ولهذا كان موسى في السماء السادسة وهارون في الخامسة.

والله اعلم .

اطلعت على تفسير ابن كثير والقرطبي والجلالين والطبري  لم أجد منهم من  بين سبب هذا التقديم

اما الشيخ الشعراوي رحمه الله تعالى  قال :أن السحرة فطنوا إلى كون سيدنا موسى قد رباه فرعون في صغره فأرادوا أن لا يعتقد فرعون أن إيمانهم هو مجرد تحد له لأن موسى هزمهم بل هو إيمان برب العالمين، وسجودهم ليس لموسى بل هو لرب العالمين ولهذا قدموا في كلامهم هارون على موسى لرفع هذا التوهم.

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد وعلى اله وصحبه.

ابن المبارك

1٬781 : عدد الزوار