وقفات مع الشيخ محمد الكتاني

غزل الحقائق و حياكة الرقائق 

مع الشيخ سيدي محمد الكتاني

يقول الشيخ  محمد بن عبد الكبير الكتاني رضي الله عنه في كتاب الديوانة :

…..”الوحي من لوح احمديته يقرأ وعلى محمديته يتلى، بل النبوة والرسالة كانتا حاصلتين له في تلك المدة،أعني قبل نزول الملك .اما النبوة فلقوله صلى الله عليه ” كنت نبيا وادم بين الروح والجسد “حقيقة، اذ النبوة ،والرسالة عبارة عن انبساط الفيض الالهي على العبد المراد للتربية ولاشك ان هذا الامر من يوم لا يوم

….اما الرسالة فلقول التنزيل ” واذ اخذ الله ميثاق النبئين لما اتيناكم من كتاب وحكمة ثم جاءكم  رسول ….” لاشك  ان الاتيان حصل في تلك الأعصر الماضية لكل على حدته بدليل ” لتؤمنن به” ولاشك انه وقع  ما ذُكر،فسماه رسولا في تلك  القرون الاولى، تأمل فلنفسه ولمن تقدم من الانبياء والرسل الى أن آن وقت ظهوره …”انتهى(1)

وفي كتاب روح القدس في شرح الصلاة الانمودجية:

يقول ….” الحقيقة المحمدية  سابقة بعينها على  الاحمدية لان محمد عبارة عن كثرة حمد الغير له ،ولما كثر حمد الغير له ،قام به وصف ،فاستحق ان يشتق له منه اسم فقيل محمد ،وأحمد عبارة عن كونِه أَحمدُ اجزاء الموجودات  للحق ولا  يخفاك ايها المنصف انه ، ما كان أحمدا لربه حتى سبقت حمديته مقتضيات الكمالات الالهية له وطلبته في نفس غياهب أوليتها وهو لازال في حضرة نقوش العلم وهو مطلوب …..فَحُمِد من قبل الحق، قبل ان يحمد هو الحق ، فقد قام به وصف المحمدية عينا وحكما  قبل ان يقوم به وصف الاحمدية فاشتق له من الوصف اسما فكان محمدا  قبل ان يكون أحمدا وهي مسالة عظيمة……  “انتهى.

وفي كتابه الطلاسم في الكمالات المحمدية :  يشير الشيخ الجليل الى أن لا تشابه ولا تشاكل عنده بين المحمدية والاحمدية وبين الحضرة الحقية والخلقية …: لا تشابه ولا تشاكل مع التخلل والإتحاد  والتماثل ولسنا نعرب بما قاله المغرب :   رق الزجاج  وراقت الخمر =====  فتشابها وتشاكل الامر( 2)

  ويقول كذلك  في كتاب الطلاسم في الكمالات المحمدية (مع الاختصار)   : “…….اعلم على أنه على قدر الاستغراق والاستهلاك في سائر عوالمه، كل واحد بحسبه، يكون البقاء بالله وفي الله ولله، وعلى قدر معرفته تكون معرفة مشهوده،   وعلى قدر الجهل به يكون عكسه،لأنه هو الباب الأعظم والبرزخ المطلسَم الذي  لا دخول إلا من بابه ولا فيض إلا من عذب ورود ماء راح رضابه. فلا شهود إلا فيه،ولا تجلٍّ إلا منه،وجميع من ادعى غيرهذا ،فهو في اشتباه الأبدان (يقع في الزندقة ) ومنها إلى ما شاء الله. فإن الإنسان إذا صارت تَهُبُّ عليه نفحات الحضرات،ويستنشق صبا هاتيك الفلوات،خصوصا إذا زُجَّ به في مهامه فناء الفناء أو صلصلة الجرس، ربما إذا لم تحصل له عناية محمدية، من ثم إلى الزندقة قطعا. ولذلك استعاذ منها العارف الأكبر بقوله: وزُجَّ بي في بحار الأحدية وانشلني من أوحال التوحيد، هذه هي أوحال التوحيد.

… ومعنى كونه مظهرا للحق وأنه لا يُرى إلا فيه أن شاهده لا مطمع له في حضرة الأحدية الصرفة، وإنما له شهوده في مراتب حضرة الواحدية التي فيها عالم الكثرة والتعدد. وذلك لأن العالم العُلوي مظهر باطنه الأقدس، والعالم السفلي مظهر ظاهره الأنفس. وعليه  فالحق لا يٌرى إلا في مظاهره {وفيكم رسوله )

 وقد عرفوا الله بالعجز وما عرفوا سيدنا صلى الله عليه وسلم به أيضا، وذلك لجهلهم بأن لون الماء  لون الإناء ، ولو عرفوا عين يقين هذا لأقروا به قطعا،= لأن الحامل على العجز فيه هو الحامل على العجز في مظهره.   

في كتاب الطلاسم  في الكمالات الالهيةيقول ….. فلا تصح الرؤية في بساط التجريد أصلا، وإنما تقع على نفس البرزخ. ومن هاهنا يتجه لك سر مبحت وهو أن بعض العلماء بالله يدَّعي الرؤية ويقول رأيت ربي، فهل لُبِّس عليه الأمر أو رأى أو لم ير؟ نقول أنه كوفح بنعت من الروح الكلية في بساط القرب الذاتي بعد أن دكت عوالمه ومراسمه وارتقى عن عالم العناصر والمواد والأخلاط وعثر على بساط صلصلة الجرس، وبها يستنشق حميا ذلك المحيا، ولما انبسطت أشعتها عليه ظن بحسب التحقيق أنها هي الجمال المطلق وهي عينه، فهويته هوية الحسن المجرد وعينه عينه.  (3)

تعليقات:

 1= يقول الشيخ انه صلى الله عليه زيد نبيا وكان رسولا للسابقين ويستدل رحمه الله بالحديث الشريف وبالاية القراءنية

2=  تمييز دقيق وكشف صراح : المحمدية سبقت الاحمدية  وجهتان لعملة واحدة 

3=وبهذا يتبين لنا ان الشيخ الكتاني قد ميز اكثر ممن سبقه بين المحمدية والاحمدية ، كما يشير  الى الهيمنة المطلقة لهذه الحقيقة المحمدية  و أن كل السابقين من الرسل او الانبياء  من احمديته استمدوا وعلى  علومه اعتمدوا    فهو صلى الله عليه وسلم الممد للجميع من آدم الى اخر من يقول لااله الاالله

بحر وقف الانبياء والاولياء بساحله :ما عرفني حقيقة غير ربي ” .

والجميع  موجة في تيار بحره الخضم .

فلا مثل له .خلق صلى الله عليه وسلم من الصفة الاحدية، فهونور محض لم يكن له ظل ، نائب عن الحق في الظهور : “ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله ” من رأني فقد رأى الحق”إني لست كهيئتكم . كلكم من ادم وادم من تراب (ولم يقل كلنا) ويؤكد  سيدي محمد الكتاني  ان لا رؤية للعارفين الا للحقيقة المحمدية ،أما الذات الالهية (تعالت وتنزهت وتقدست ) لاترى وان هذه  الحقيقة هي الظاهرة في مظاهر الوجود يقول فلا شهود الا فيه ولا تجل الا منه وكل من ادعى غير هذا يقع في الزندقة  ويختم قوله باشارة رقيقة وهي قوله : وكأني بمجموع سادات الوقت ومشيختهم لا خبرة ولا خبر لهم بأحواله الظاهرة فأحرى مرتبة من مراتب غيبه، وحضرة من حضرات سره ولبه”ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا”

وصلى الله على سيدنا ومولانا محمد

ابن المبارك

1٬272 : عدد الزوار