تنبيهات على علومرتبة النبوة المحمدية التنبيه السابع عشر

تنبيهات على علو مرتبة النبوة المحمدية.

التنبيه السابع  عشر

اعلم ايها المحب لهذا النبي الكريم الباحث عن تفاصيل جمل قدره العظيم.ان الصلاة على نبي الله هي روح الوجود ،وماء حياته، وسراج بقائه،وهي نصيب المومن  من ميراث الخلافة النبوية.

لهذا الله تعالى وملائكته يصلون على هذا النبي الكريم وأمرنا تعالى بالصلاة عليه.

قال تعالى ” اِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ ۚ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا “

و قال صلى الله عليه وسلم (لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحبَّ إليه من ولده ووالده  وماله ،والناس أجمعين).

فإذا احببته أصبحت  من المومنين.

وإذا أصبحت من المومنين شملك خطاب الحق تعالى” يا ايها الذين ءامنوا صلواعليه وسلموا تسليما”

 وإذا صليت عليه واحدة صلى الله عليك بـــهــا عشرا. وبالمائة ألف.فأكثر أو أقلل.

فأي سر في صلاة الله وملائكته على النبوة،؟؟  و في أمرنا بالصلاة عليه.؟

الصلاة على نبي الله هي مدحه،والثناء عليه بنعوته المذكورة في القرءان، والتي تعنون عن اقدمية نبوته ونورانية حقيقته، وعظمة خلافته .

فالكثيرمن الآيات القرءانية هي تنويه بمقامه العالي    وقدره الجليل إما تلميحا،أوتصريحا،

فما دام يمدح إلا والرحمة تتنـزل على الكون وأهله.

فالحقيقة النبوية هي:

اولا : واسطة في التجليات الالهية،تضفي اللطف والرحمة عليها﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّارَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ ﴾”رحمتي سبقت غضبي”.والكون مفتقر إليها.

فلولا وساطته لأفنت التجليات  الألهية الأكوان .

وثانيا: الصلاة على النبي  تخرج المقتضيات الكونية الى الوجود .فكل مايظهر في الكون الالهي حسيا كان أو معنويا،ظاهرا أو باطنا، وسواء كان فتوحات ربانية او ارزاق حسية او ابتكارات علمية و تطورات تكنلوجية،أو……الا وهو منوط بصلاة الله وملائكته على النبوة ،ثم صلاة المومنين،(ولاشئ الا وهو به منوط ) كما قال شيخنا المشيشي رضي الله عنه.

فصلاة الله عليه هي تلك الشعلة التي تربط الألوهية بالـمألوهين،والرب بالمربوبين،والكون بخالقه، لإستمرارية الحياة حسب ما قدر في بساط الرحمانية.    

استمرارية الحياة وظهور المقتضيات وتكاثر المخلوقات .

ونحن عاجزون عن الصلاة على نبي الله من أنفسنا ،وجاهلون بمراتبها ، وغير قادرين بمعرفة كل حضراتها ” ما عرفني حقيقة غير ربي”  لهذا فنحن نطلب من الله تعال ان يصلي على هذا البرزخ النوراني والعبد الحقاني ونقول اللهـــــــــــم صل :

 اللهم هي طلب منا الحق سبحانه أن يصلي على هذا الوسيط البرزخي  النوراني هيولى الإجمال والتفصيل .”اللهم” معناها  “يا ألله”،  حذفت ياء التدلل واضيفت لإسم  الجلالة “الله” م (ميم) فنابت عن ياء التدلل،والميم في كلام العرب تشير الى التفخيم، والتعظيم، فنقول: سيادتكم، وحضرتكم، وجلالتكم.وهي كذلك من علامات الجمع،فنقول(عليه) للواحد و(عليهم ) للجمع.فهو جمع  ظهر في حرف، فهذه الميم جمعت فيها جميع الأسماء والصفات الإلهية،فهي الميم  المذغمة في اسم)مـحمـمـد(، وإتصالها باسم الجلالة،يقتضي أن القرءان نزل دفعة واحدة،منه إليه،بدون وساطة ،ولو كانت هناك وساطة،لإ قتضت أن هناك حاجبا بين محمد وربه،ولكانت لهذا الحاجب الأولية ،وهو ﴿أَوَّلُ الْعَابِدِينَ

فاستحقت بذلك نبوته الخلافة الكلية ،فالدعاء لولا وساطته ماصعد ولاحَظِيَ بالإستجابة. فهوبرزخ بين الحق والخلق،بين الرب والمربوبين.فأمرنا الحق سبحانه وتعالى،بالصلاة على نبينا سيدنا محمد،وأوجب الصلاة عليه على كل الدوائر العلوية والسفلية،فَسَبَحَ الكل في بحره،لأنه الخليفة الكلي على الكون الإلهي﴿إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً﴾ : ادم من حيث صورته، والنبوة المحمدية ،الواسطة العظمى في كل العطاءات الإلهية من حيث حقيقته .

واسمه محمد باعتبار الميم المدغمة (محممد) بحساب الجمل يساوي = 132،أي عدد جمل: أحد (13)+ الله (66) +أحمد(53).فهذه الميم أظهرت ماكان باطنا، فظهر:

محتد النبوة المحمدية: الصفة الأحدية(أحد)

وظهر الاصطحاب مع الأسماء الإلهية(الله)

 ومع القرءان( أحمد).

اللهم“تساوي = 66 ( أي اسم الجلالة) +( الدوائر الكونية)  40 = 106= وهذا العدد هو كذلك  53 +53 أي كل المقتضيات القرءانية موجودة في هذا الطلسم النبوي العظيم  والامدادات تعطى على حسب الارادة الالهية والتقديرات الاولية،”الله المعطي وانما انا قاسم”

وهي كذلك 92(محمد)+14(وهاب)

فقولنا ” اللهم ” يعني أن الطلبات والعطاءات الإلهية كلها تمر عبر بساط الإصطحاب(اسم الجلالة الله) والمصطحب معه (محمد) وكلها عطاء من الوهاب،ومن مقتضى القرءان. فلا شئ يخرج عن دائرة القرءان “ ما فرطنا في الكتاب من شئ” والكل منوط بوساطة النبوة ،والكون وما فيه من دائرة اسمه تعالى الوهاب، ولله الغنى المطلق عن عبادتنا وطلباتنا ،وحتى عن اسمائه اذ كماله سبحانه وتعالى ذاتي له لا يحتاج الى صفة اضافية لإظهره.

أمابسطا وكسرا أي ان لكل حرف : جـسم ،روح ،نـفس ،عـقل،دم  وهو ما يسميه علماء خواص الحروف والاسماء (جرنعد)( وهناك من اضاف سين وقال “جرنعدس” واعتبر ان للحرف كذلك سرا)

بهذا الحساب  بسط اسم (محمد) يساوي 354،أي عدد أيام السنة القمرية،التي التشريع منوط بها.                          فتدبر هذه الإشارة إلى الوجهة الحقية لمولانا رسول الله،وتأمل وساطته الظاهرة،والباطنة في كل شئ.

فهو صلى الله عليه برزخ بين الرب والمربوبين ،ومن خاصية البرزخ أن لاينـزل شئ إلا عليه،حسيا كان أو معنويا،ولا يصعد شئ إلا عليه.فمعاملة الخلق في حقيقة الأمر،كلها مع هذا الوسيط البرزخي العظيم.وهذا من الأسرار التي أوجبت تغيير القبلة.قال تعالى﴿قَدْ نَرَى تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاء فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّواْ وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ﴾لأنه عندما كان الحكم للإسم الباطن،كانت كلمة التوحيد شطرا  واحدا  “لا إله إلا الله” وكانت القبلة هي بيت المقدس، وكانت الإمامة للأنبياء والرسل السابقين.أما عندما ظهر الإمام الأكبر،بهيكله الشريف،صار للتوحيد شطر ثاني“محمد رسول الله” فكان من اللازم أن يكون التوجه إلى الكعبة، حيث الحجر الأسعد والبيت الحرام،لأن الكعبة في مقابلة البيت المعمور،ولأنه صلى الله عليه وسلم ﴿رَسُولٌ مِّنَ اللهِ﴾قبل القبل و﴿رَسُولٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ﴾عند ظهور الجسم الشريف المولود من أم وأب.

وَســَـــــــــــــــــــلِّـــــــــــــمْ

الأسماء الإلهية منها ما هوجمالي محض،ومنها ما هو جلالي محض.ومنها ماهو في نفس الوقت جمالي وجلالي.كالمعطي عندما يجود بالغنى،والصحة،والعلم فهوجمالي،وعندما يقدرالمرض،والفقر،فهو جلالي ﴿قُلْ كُلٌّ مِّنْ عِندِ اللَّهِ فَمَالِ هَٰؤُلَاءِ الْقَوْمِ لَايَكَادُونَ يَفْقَهُونَ حَدِيثًا﴾أو كالعزيز عندما يتبعه اسم جمالي يكون جمالي(العزيزالغفار)وعندما يليه اسم جلالي يكون جلالي(العزيز الجبار) وبهذا افترقت التجليات الإلهية، الى جمالية تقبلها طباعنا،وجلالية لا تلائم طباعنا.

فقولنا وسلم:هوطلبنا من الله السلامة،واللطف في هذه التجليات،فالجمال لانستطيع مكافحته بدون وساطته﴿وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّايَشَاءُ﴾فمابالك بالجلال ؟قال تعالى ﴿يَانَارُكُونِي بَرْداً وَسَلَاماً عَلَى إِبْرَاهِيمَ﴾فمقتضى النار هو الإحراق ولكن بأمر الله كانت السلامة في تجليها وتغير الى برد وسلام على ابراهيم عليه السلام.

قال تعالى﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ﴾هل الحق تعالى،وملائكته يصلون على حقيقة مفقودة غير موجودة﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواصَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُواتَسْلِيمًا﴾هل أمرنا الحق بالصلاة على نسبة معدومة الوجود،مفقودة الشهود،لا،ثم ألف لا.

بل هي حقيقة حاضرة وللكون ناظرة،فالنبوة صفة،والصفة لابدلها من مقتضى،ولابد لها من الموصوف بها.وحضور هذه الصفة في الكون الإلهي واجب ولازم فافهم.  

قال تعالى﴿وَاصْبِرْنَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُم﴾فهو حاضر في الكون الإلهي،لأن الذين يدعون ربهم،لم ولن ينقطعوا حتى تقوم الساعة.قال تعالى﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَامِن قَبْلِكَ مِن رُّسُلِنَا﴾ فلولم يكن متمكنا بالإجتماع بهم،لم يكن لهذا الخطاب فائدة.  

قال تعالى﴿لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ﴾أقسم بحياته وما أقسم بحياة أحد،ولافائدة للقسم،إن لم يكن موجودا بحقيقته، في تلك الأزمنة الغابرة.”كنت نبيا وآدم منجدل في طينته”.كنت وما زلت .

قال تعالى﴿وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّارَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ﴾ب”إلا” الحصرية أي ارسلناك ولم نرسل غيرك،و إرساله رحمة للعالمين يقتضي أنه كائن قبل العالمين،وأفضل العالمين،وحاضرا مع العالمين،وشاهدا على العالمين ﴿يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًاوَنَذِيرًا وَدَاعِيًا إِلَى اللَّهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجًا مُّنِيرًا﴾                        

فحضوره لازم،لأنه شاهد،وسراج منير لا يأفل.   

  فانتبه نور الله قلبي وقلبك وضاعف في هذا النبي حبي وحبك.

ابن المبارك

1٬210 : عدد الزوار