قصيدة منسوبة للأمام علي

قصيدة منسوبة للأمام علي عليه السلام يشرح كيف تعيش سنين عمرك مرتاح البال  

دَعِ الصِّبا فلقدْ عداكَ زمانُهُ = وازهَدْ فعُمرُكَ مرَّ منهُ الأطيَـبُ

ذهبَ الشبابُ فماله منْ عودةٍ= وأتَى المشيبُ فأينَ منهُ المَهربُ

دَعْ عنكَ ماقدكانَ في زمنِ الصِّبا= واذكُر ذنوبَكَ وابكها يا مذنب

لم ينسَهُ الملَكانِ حيـنَ نسيتَهُ= بـل أثبتاهُ وأنتَ لاهٍ تلعـبُ

والرُّوحُ فيكَ وديعةٌ أودعتَها= ستَردُّها بالرغمِ منكَ وتُسلَبُ

والليلُ فاعلمْ والنهارُ كلاهما= أنفاسُنا فيها تُعدُّ وتُحسـبُ

وجميعُ ماخلَّفتَهُ وجمعتَهُ= حقاً يَقيناً بعدَ موتِكَ ينهب

واقنعْ ففي بعضِ القناعةِ راحةٌ= واليأسُ ممّا فاتَ فهوَالمَطْلبُ

فإذا طَمِعتَ كُسيتَ ثوبَ مذلَّةٍ= فلقدْ كُسيَ ثوبَ المَذلَّةِ أشعبُ

وابدأْ عَدوَّكَ بالتحيّةِ ولتَكُنْ= منهُ زمانَكَ خائفاً تترقَّـبُ

واحذرهُ إن لاقيتَهُ مُتَبَسِّماً= فالليثُ يبدو نابُهُ إذْ يغْـضَبُ

إنَّ العدوُّ وإنْ تقادَمَ عهدُهُ= فالحقدُ باقٍ في الصُّدورِمُغَّيبُ

وإذا الصَّديقٌ لقيتَهُ مُتملِّقاً= فهوَ العدوُّوحقُّهُ يُتجنَّبُ

لا خيرَفي ودِّ امريءٍ مُتملِّقٍ= حُلوِاللسانِ وقلبهُ يتلهَّبُ

يُعطيكَ من طَرَفِ اللِّسانِ حلاوةً= ويَروغُ منكَ كما يروغُ الثّعلـبُ

وَصِلِ الكرامَ وإنْ رموكَ بجفوةٍ= فالصفحُ عنهمْ بالتَّجاوزِأصوَبُ

واخفضْ جناحَكَ للأقاربِ كُلِّهمْ= بتذلُّلٍ واسمحْ لهمْ إن أذنبوا

ودعِ الكَذوبَ فلا يكُنْ لكَ صاحباً= إنَّ الكذوبَ يشينُ حُـراً يَصحبُ

وزنِ الكلامَ إذا نطقتَ ولا تكنْ= ثرثارةً فـي كلِّ نادٍ تخطُـبُ

واحفظْ لسانَكَ واحترزْمن لفظِهِ= فالمرءُ يَسلَمُ باللسانِ ويُعطَبُ

والسِّرُّ فاكتمهُ ولاتنطُقْ بهِ= إنَّ الزجاجةَ كسرُها لايُشعَبُ

وكذاكَ سرُّالمرءِ إنْ لمْ يُطوهِ= نشرتْهُ ألسنةٌ تزيدُ وتكذِبُ

كُنْ ما استطعتَ عن الأنامِ بمعزِلٍ= إنَّ الكثيرَمن الوَرَى لايُصحبُ

واحذرْ مُصاحبةَ اللئيم فإنّهُ= يُعدي كما يُعدي الصحيحَ الأجربُ

واحذرْ من المظلومِ سَهماً صائباً= واعلمْ بأنَّ دعاءَهُ لا يُحجَـبُ

وإذارأيتَ الرِّزقَ عَزَّ ببلدةٍ= وخشيتَ فيها أن يضيقَ المذهبُ

فارحلْ فأرضُ اللهِ واسعةَ الفَضَا= طولاً وعَرضاً شرقُها والمغرِبُ

فلقدْ نصحتُكَ إنْ قبلتَ نصيحتي= فالنُّصحُ أغلى ما يُباعُ ويُوهَـب.

947 : عدد الزوار