بحر القرءان

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.
يقول ابن عربي ج1 ص 76: … فاغطس في بحرالقرآن العزيز إن كنت واسع النفس وإلا فاقتصر على مطالعة كتب المفسرين لظاهره ولا تغطس فتهلك فإنّ بحر القرآن عميق، ولولا الغاطس ما يقصد منه المواضع القريبة من الساحل ما خرج لكم أبداً.فالأنبياء والورثة الحفظة هم الذين يقصدون هذه المواضع رحمة بالعالم وأما الواقفون الذين وصلوا ومسكوا ولم يردوا ولا انتفع بهم أحد ولا انتفعوا بأحد فقصدوا بل قصد بهم ثبج البحر فغطسوا إلى الأبد لا يخرجون… انتهى. فبحرالقرءان عميق ولا ساحل له،لن يستطيع أحد خوضه دون دليل محنك سلك الطريق وعرف خباياها وخفاياها.أي الشيخ المربي الذي يعلمك مما عُلم رشدا، سلسلته الصوفية معروفة،من شيخه الى مولانا رسول الله، مدة سلوكه طريق القوم معروفة،مأذون له،ومن لا اذن له لا وصول له،وان قضيت معه العمركله. يعرف حضرة أهل الله،وتعرفه الحضرة المحمدية،فرسول الله صلى الله عليه وسلم لا يعرفه الا من عرف من عرفه ،كما ورد في الخبر الكشفي عن اهل الله. فسيدنا موسى عليه السلام ،نبي ورسول من أولي العزم،احتاج الى من يأخذ بيده لمعرفة العلوم الباطنة،وأرشده الله تعالى الى الخضر،شيخ حي،إذ الحقائق الالهية منوطة بالاسماء الالهية، والأسماء الإلهية تجلياتها ومقتضياتها تخص الأحياء،وهي في ترق ومن مات لم يعد يساير التجليات الالهية،ولايستمد من الفتوحات الربانية التي جاءت بعده،ولا يمكنه ان يمدغيره بها، انتهى أمره وخُتم سلوكه بتجلي اسمه تعالى المميت عليه، فالحقائق القرءانية،والأسرارالأحمدية المحمدية، و طلاسم الرسم القرءاني والعلوم البائية،لا حظَّ له فيها مهما بلغت قامته في المعرفة ومقامه في التصوف.المدد،لا ياتي الا من عارف غارف حي مأذون له من الحضرة المحمدية. من مات ،لم يبق تحت تأثير مقتضيات الاسماء الالهية (ومن الاسماء الخبير والعليم ،الوهاب،الظاهر والباطن…) وبالتالي لا معرفة له بفتوحاتها.حتى وان كان يحضر بعد موته ديوان الاولياء،وقد اشار الشيخ الدباغ رضي الله عنه لهذه المسألة. قال تعالى “وكان ابوهما صالحا” فلوكان التصرف لأبيهما وشهد الله تعالى له بالصلاح ،لاستخرج لهما كنزهما بنفسه دون الحاجة الى حي يرزق. فغاية الشيخ المنتقل اذا كان من كبارالعارفين أن تبقى بركته سارية في اتباعه، فتستقيم احوالهم، وتصفو بواطنهم،ويصلح ظاهرهم ،ويكون ذلك عن طريق الروحانية فيساعدهم في السيرويجنبهم المهالك.اما المعرفة،فلن يقيم جدار معرفتهم حتى يستخرجوا كنوزها،فالامور الالهية سواء كانت حسية أو معنوية، مربوطة بالأسباب،والأسباب حالية متعلقة بالتجليات الالهية،إن تعلقت بأسباب القرون الماضية لن تفلح .ففي تجارتك انت لا تتبع الاسباب التي كان عليها تجار القرون الاولى،أنت لا تحمل تجارتك على ظهرالدواب وتذهب بها الاف الكيلومترات لتبيعها،لن يتيسر لك الأمر،وآخر من منزله يبيع تجارته عبر الانترنيت،دون تعب. التصوف هومعرفة مولانا رسول الله صلى الله عليه بالقرءان ومعرفة القرءان بسيدنا محمد.والقرءان بحر،بل ابحر،فهذه المعرفة لا تتأتى إلا بالاتباع . قال تعالى”واتبع سبيل من أناب الي”وقال“هل اتبعك على ان تعلمن مما علمت رشداّ وقال تعالى”قل هذه سبيلي ادعوا الى الله على بصيرة انا ومن اتبعني “والإتباع يكون لحي يرزق، والرزق حسي ومعنوي، فهو ينفق مما جعله الله مستخلفا فيه، ينفق مما يحب” لن تنالوا البر حتى تنفقوا مما تحبون” يحدث بنعمة الله “أما بنعمة ربك فحدث”ولا توجد نعمة أكبر من نعمة الله ـ فرزقه المعنوي: فتوحات ربانية واسرار محمدية فينفق منها ولا يبخل بها “وماهو على الغيب بضنين” أي ليس ببخيل بالامور الغيبية قال تعالى“ومن يضلل الله فلن تجد له وليا مرشدا” بمعنى ومن يهدي الله فستجد له وليا مرشدا،والإرشاد يتطلب الحضور والإتباع،لكي يعرف علل نفسك وأمراض باطنك، ويصف لك الدواء الناجع والاذكار المناسبة،ويعلمك السباحة في بحر الحقائق، والسياحة في يم الرقائق،ويقيم جدار سيرك،ويقوي ادراكك، وتستخرج كنز معرفتك. وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله، وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

869 : عدد الزوار