مراتب الإيمان

مراتب الإيمان للشيخ ابي الفيض محمد الكتاني

الإيمان أربع مراتب:

1 إيمان للمنافقين: بألسنتهم دون قلوبهم، وليس بنافع لهم في الآخرة، بشاهد: “إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار”.]النساء/ 195 [، وإنما ينفعهم في الدنيا لحقن دمائهم وصون أموالهم. وفيهم قال تعالى “ومن الناس من يقول آمنا بالله وباليوم الأخر وماهم بمؤمنين”. ]البقرة/ 2[، وقال :” قالت الأعراب آمنا،قل لم تومنوا” ]الحجرات/ 19 [….

2 وإيمان عامة المومنين: بلسان لسانهم الشهادي ولسانهم الجناني الغيبي،غير أنهم لم يتخلقوا بمقتضاه، ولم تظهر عليهم ثمرات اليقين؛ فيدبِّرون مع الحق،ويرجون ويخافون غيره،ويتجرءون على مخالفة أمره ونهيه.

3 وإيمان المقربين: وهم الذين انصبغت قلوبهم باستحضار عقائد الإيمان، وصارت بصائرهم تشاهد الأشياء كلها صادرة من عين القدرة الأزلية؛ فظهرت عليهم ثمرات ذلك، فلا يعولون على  شيء سوى الله، فلا يخافون ولا يرجون غيره،ولا يحبون سواه؛ لأنْ لا محسن سواه، ولهذا قيل: “وهب لنا حقيقة

الإيمان بك،حتى لا نخافَ غيرك، ولا نرجو غيرك،ولا نحب غيرك،ولا نعبد شيئا سواك،ولا يعترضون شيئا من أفعاله؛ فاكتفوا بعلم الله فيهم، وعلموا أن دار الدنيا ظهرت كسْفةُ الفناء عليها، وأن الآخرة أقرب إليهم منها،وهي دار البقاء. والعاقل أولى بعمارة الباقي وخراب الفاني: “إنما الحياة الدنيا لعب ولهو،]محمد/ 30 [“زين للناس حب الشهوات من النساء…. ]آل عمران/ 19}”واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم{…]الكهف/ 22 [ومنه:إيمان سيدنا حارثة.

4 وإيمان أهل الفناء في التوحيد: المستغرقين في المشاهدة كما قال مولانا عبد السلام:وأغرقني في عين بحر الوحدة حتى لا أرى ولا أسمع ولا أجد ولا أحس إلا بها. ومنه: قول سيدنا عبد الله بن عمر لسيدنا عروة لما كلمه وهما في الطواف ولم يجبه: إنا كنا نتراء  الله  بين أعيننا“. وقال سيدناعلي:

رأيت ربي بعين قلبي= فقلت: لاشك أنت أنت

فليس للأين منك أينٌ= فيعلمُ الأينُ أين أنت

وليس للوهم فيك وهْم= فيعلم الوهم فبث أنت

وفي فنائي فنى فنائي= وفي فنائي وجدت أنت

وقد  قال أبو الحسن  الاشعري: إنا لننظر إلى الله بنظر الإيقان،فأغنانا ذلك عن إقامة الدليل والبرهان. ونستدل به على الخلق هل في الوجود شيء سواه؟؛فلا نراهم. وإن كان ولابد؛ فنراهم كالهباء في الهواء: إن فتشتهم لم تجدهم”. وفي ذلك يقول القائل:

كبر العيان علي حتى إنه= صاراليقين من العيان توهما

وآخر:

مذ عرفتُ الإله لم أرغيرا= مذ تجمّعتُ ما خشيت افتراقا

وكذا الغيرُ عندنا ممنوع= فأنا اليوم واصلٌ مجموع

]فإذا أحطت يا أخي بهذا؛علمت قوة الإيمان عند الخواص والمراد بالإيمان عندنا هاهنا: العيان العياني الذي على الظهور.انتهى (كتاب البحر المسجور في الرد على من أنكر فضل الله بالمأثور)

803 : عدد الزوار