شرح الصلاة 12من خبيئة الأسرار

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى ال سيدنا ومولانا محمد،النور الملتحف بوحدات الذات﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله﴾والحقيقة الباطنة في غيابات جب تجليات الأسماء والصفات.فتاه العارفون بينها وبين مظاهر التجليات.فتعددت صورها، واستحالت معرفتها، ففي دنوها تعالت،وفي علوها تدانت،وعلى عدد الأنوار تظهر الظلال،وعلى عدد المرايا تظهر الصور.وهو واحد من حيث ذاته،متكثر من حيث تجلياته﴿فأين تذهبون إن هوإلا ذكر للعٰلمين﴾وصحبه وسلم.

بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.

النور الملتحف بوحدات الذات﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله﴾…. شاهِدُ كونه صلى الله عليه وسلم نورا هي الآية الكريمة (قَدۡ جَاۤءَكُم مِّنَ ٱللَّهِ نُوروَكِتَـٰب مُّبِین) فسيدنا ومولانا محمدا صلى الله عليه وسلم هو نور إلهي،هذه الوحدات هي مخصوصة له وهو مخصوص لها ..فما معنى وَحدات الذات ؟حسب مشربنا العرفاني الفاطمي المحمدي ،وَحَدات الذات هي حروف الاسم الجامع، إسم الجلالة (الله).

-الألف إشارة إلى الأحدية

-اللام الأولى إشارة إلى الأحمدية

-اللام الثانية إلى المحمدية

-أما الهاء فتعنون عن سدرة المنتهى،بساط المسابقات،ورفع الدرجات، وإظهار حقائق المكتسبات،ونهاية سير المخلوقات بأسرها، فسيدنا صلى الله عليه به سماء الجميع ومنتهى مرمى كل قاصد …وهاته الهاء هي الصفة الأمية..فتكون وحدات الذات بالإجمال هي :

ا=أحد. ل= أحمد = الرسول..ل= محمد=النبي..هــــ = الأمي

فإلتحاف النبوة بوحدات الذات هوجوهر الإصطحاب: أي اصطحاب النبوة بالإسم الجامع (الله) وبباقي الأسماء والصفات الإلهية،فالإلتحاف بمعنى التردي واللباس والتحلي ،كلها مرادفات تفيد معنى اصطحابه صلى الله عليه وسلم بهاته الأسماء والصفات الإلهية لغنى الله المطلق عن الخلائق،ولكي يسيرالكون بالرحمة واللطف النبويين،ومن مظاهرهذا الإلتحاف اقتران الإسم العظيم (الله)باسم حبيبه(محمد)صلى الله عليه و سلم في كلمة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) كلمة التوحيد إنما هى لتوحيد الواحد بوحدته التى هى له من دون كثرة. فلو كان اسم محمد خلاف تلك الوحدة، لما ساغ قِرَانُـه بإسم الجلالة (الله) فى كلمة التوحيد لوجود الغيرية. أولكانت هناك واوعطفية بينهما (لا اله الا الله ومحمد رسول الله).فكان شطرا في التوحيد فإلتحف بوحدات الذات . ف”الملتحف بوحدات الذات” هو مدح رقيق وتغزل عميق في عظمة شأن النبوة وإلتصاقها بسم الجلالة “الله” أظهر وساطتها في كل الامدادات “اللهم”.

قال تعالى﴿إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله﴾..هذه الاية تعنون عن الوجهة الحقية لمولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فالحق سبحانه  أناب عبده وحبيبه منابه وأقامه مقامه.. وفي الآية (وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى)أثبت الله تعالى الرمي للمولى سيدنا محمد صلى الله عليه و سلم ونفاه عنه،فنفى عين ما أثبت،وأثبته لنفسه ولكن الله رمى.وما رمى إلا العبد فأعطاه اسمه وسماه به،فخُلعت صفة العبد عن العبد ،ولبس صفة الرب..فكان الرامي الألوهية في تجليات اصطحابها بالمحمدية.فهو مجلاه وإنفرد الحق تعالى بالغنى المطلق. فالحقيقة المحمدية برزخ بين الألوهية والمخلوقات.ورد في الحديث “من رأني فقد رأى الحق”…

والحقيقة الباطنة في غيابات جُبّ تجليات الأسماء والصّفات

بطون الحقيقة المحمدية بمعنى خفائهاعن الأبصار والبصائر فلا الوصول لتمام إدراكها لأنها غيب،والإحاطة الكنهية بها مستحيلة لأنها مجهولة عند كل العوالم الملكية والملكوتية العلوية والسفلية،فحقيقته نور إلهي(ما عرفني حقيقة غير ربي)هي حقيقة من عالم الشأن والإطلاق والكمال ،فلا يَعرف هاته الحقيقة إلا خالقها الحق سبحاته وتعالى ..فما معنى أن تكون هاته الحقيقة المحمدية العظيمة كامنة في (غيابات جب تجليات الأسماء والصفات؟ المعنى أن سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم مصطحِب بالاسماء والصفات الإلهية وهي ذاتية له لا تنفك عنه .. هو هي ،وهي هو ،هذا هوالمعنى الغائص الذي ورد في هذا التحقيق المبارك.مولانا رسول الله  له وجهة حقية،ووجهة خلقية.الوجهة الحقية هي حقيقته،وهي التي خاطبت هذا العارف وسمع منها هذا الاخر،والله تعالى من حيث ذاته،غني حتى عن اسمائه وصفاته. اصطحبت هذه الحقيقة النورانية، مع الفيضة القرءانية،وتحلت بالأسماء الإلهية وتخلقت بها،فأصبحت هي(أي الاسماء)هو(أي محمد)وهو هي”ان الذين يبايعونك انما يبايعون الله”وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى”..و بطريق الإشارة (فَأَیۡنَمَا تُوَلُّوا۟ فَثَمَّ وَجۡهُ ٱللَّهِۚ) حيثما توجّه المخلوق واجهته الحقيقة المحمدية المتحلية بالاسماء والصفات لتكون مقصدا للإمداد و كعبة لإعطاء القسائم الإلهية(الله معطي وإنما أنا القاسم).فافهم جلالة قدر هذا النبي العظيم وعلو شأنه صلى الله عليه وسلم،تربح وتغنم وإلا سلّم تسلم.

فتاه العارفون بينها وبين مظاهر التجليات

كُمُون النبوة في غيابات جب الأسماء والصفات واصطحابها بها و بالإسم الجامع الله هو معنى نعتنا لسيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم و على آله بأن له وجهة حقية ،قال الأستاذ حقق الله به النفع  في الموقف السابق(في هذا المقام أي الوجهة الحقية للنبوة المحمدية،زلت الأقدام، وأصاب الذهل الأقلام، وظهرالأمر كأنما هناك إتحاد،أوحلول ولكن العبد عبد،والرب رب.إنما حلل الأسماء الإلهية أظهرت الحقيقة المحمدية ، بصفات الربوبية لذلك تاه العارفون بين هاته الحقيقة وبين مظاهر التجليات الالهية فهُم معذورون (وَتَرَىٰهُمۡ یَنظُرُونَ إِلَیۡكَ وَهُمۡ لَا یُبۡصِرُونَ)

لا يبصرون حقيقتك.هذا الإلتحاف اوإصطحاب النبوة بالاسم الجامع “الله” وبباقي الأسماء والصفات الإلهية هو حجاب قائم بين الخلائق وبين معرفة الذات الالهية ومعرفة حقيقة النبوة ،فتاه بعض العارفين وظنوا ان الحق تعالى يخاطبهم، لكن في الحقيقة مخاطبهم هي النبوة فهي البرزخ الحائل بين الحق والخلق رحمة بهم(ما كان لبشر ان يكلمه الله الا وحيا او من وراىء حجاب)فهو حجاب الله الاعظم وواسطة الربوية المطلسم.

فهذه الوجهة الحقية ،ظهر فيها صلى الله عليه،بأوصاف الربوبية ،فظن البعض أنهم يخاطبون الله،وأنهم واقفون أمام الحق سبحانه،ويسمعون منه (من راني فقد رأى الحق).فهي الظاهرة في المظاهر”فأينما تولوا فثم وجه الله”ويمكن للسالك أن يصل الى حالة جمع الجمع معها،ومن هذا المقام قال من قال: سبحاني.و قال سلطان العاشقين على لسانها:

فلا حي إلا عن حياتي حياته ♣وطوع مرادي كل نفس مريدة

ولا قائل إلا بلفطي محدث ♣ولاناظر إلا بناظر مقلتي

ولامنصت إلا بسمعي سامع♣ولاباطش إلا بأزلي وشدتي

ولاناطق غيري ولا ناظر♣ولاسميع سوائي من جميع الخليقة

وقال شيخنا رحمه الله تعالى:لو أزلت جلبابي لوجدت محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم..

فتعددت صورها، واستحالت معرفتها…

معلوم أنّ للحقيقة المحمدية سريانًا في كل صور الوجود مُلكا وملكوتا فالوجود من أجله صلى الله عليه وسلم كان و وُجِد ،جاء في كتاب أسرار وحقائق بين معشوق وعاشق (ياروح العالم.ياعين الكل،ولولاك ماكان. ياسر الكل ولأجلك خلق وكان )،إذ ما ثبت للوجود انتفاع بالرحمة المحمدية إلا بسريانها في كل تلك الصور،لذلك تأكدّت استحالة الإحاطة المعرفية بتلك التجليات لوجود سر النبوة فيها ..

الوجهة الحقية للنبوة هي من معاني حقيقته الباطنة صلى الله عليه وسلم وهي التي تاه بينها وبين صور تجلياتها العارفون فضلا عمن دونهم بل الملأ الأعلى داخلون في ذلك : ألم يقل الملائكة المقربون  “لوأن عندنا ذكرا من الأولين لكناعباد الله المخلصين”؟ فالأولون هم مراتب الحقيقة المحمدية،منها القلم الأعلى،والعقل الأول ..فاستحالت المعرفة بحقيقة النبوة ومراتبها وحضراتها،قال الاستاذ المرشد : فالإنسان يمكن أن تكون له ظلال بعدد مايقبله من المرايا وبعدد ما يقابله من الأنوار،وعلى عدد الأنوارتظهرله ظلال،وعلى عدد المرايا تظهر له صور،فهوواحد من حيث ذاته متكثر من حيث تجليه في الصور،أو ظلاله في الأنوار،فهي المتعددة لاهو،وليست الصورغيره قال تعالى “ورفعنا لك ذكرك “رفع الحق تعالى ذكرسيدنا محمد ،فصعبت رؤيته ،واستحال إدراك حقيقته “والعجزعن الإدراك إدراك” )..(كتاب المواقف الاحمدية).

ففي دنوها تعالت،وفي علوها تدانت

هذا هوالجمع بين الأضداد الذي تحدث عنه القوم رضي الله عنهم في صدد تغزلهم بمولانا وسيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى آله : (ففي دنوها) أي في وجهتها الخلقية المجانسة للخلق (تعالت) أي حُفِظت لها في ظهورها بقالب بشري كل صفات كمالها وجمالها وجلالها : فلم يكن له ظل وكان يرى من خلف كما من أمام ،وكان يواصل الصيام وكان إذا مشى او جلس بين الناس كان اعلاهم وكانت تظلله السحابة ولم يكن الذباب يقع على جسمه الشريف، وكانوا يستضيئون بوجهه الكريم ولم تهرب منه الدواب والمخلوقات بل كانت تأتي إليه وكان إذا رآه الرائي لأول وهلة تقع له منه الهيبة العظيمة فإذا خالطه معرفة أحبه محبة عظيمة…صلى الله عليه وسلم وعلى آله.قال صلى الله عليه وسام(إني لست كهيئتكم)فهو ظهر في قالب بشري أجمل ما يكون الظهور وأرقاه ..لكنه تميّز وانفرد عن الخلائق وسما وعلا بخصيصات ليست إلا له صلى الله عليه و سلم (إني أبيت عند ربي يطعمني و يسقين)..كلها صفات الفردانية .

أما قوله(وفي علوها تدانت)قال تعللى”قل انما انا بشر مثلكم” ..”يأكل الطعام ويمشي في الاسواق” في علوها تدانت كي لا تعبد من دون الله وكي تبقى صفة العبدية والعبودية ملازمة لها.  فالنبوة شأنها عظيم :هي عَلِيَّةٌ لأنها (من الله) وهي (من عند الله) وهاهنا تفصيلا لابد منه :

اولا : قال تعالى:”ولما جاءهم رسول من عند الله مصدق لما معهم نبذ فريق من الذين أوتوا الكتٰب كتٰب الله وراء ظهورهم كأنهم لا يعلمون”: فهوصلى الله عليه وسلم”رسول من عند الله”عند ظهورجسمه الشريف المرتبط بالمكان(مكة والمدينة)وبالزمان(زمان ظهوره) لأن أداة “عند” ظرف مكان،وظرف زمان تقول رأيته عند المسجد الحرام،ولقيته عند طلوع الشمس.أما عندية الحق تعالى فلاهي ظرف زمان، ولاظرف مكان فهي نسبية،ماهي أمر وجودي،والنسب أمورعدمية ثابتة الحكم ،معدومة العين.وهذه الصفة المشار إليها “رسول من عند الله”هي المعنية بقوله تعالى “من يطع الرسول فقد أطاع الله”” استجيبوا لله وللرسول” “ءامنوا بالله ورسوله “”براءة من الله ورسوله”. الى غيرذلك من الايات …

ثانيا- قال تعالى”لم يكن الذين كفروا من أهل الكتٰب والمشركين منفكين حتى تأتيهم البينة رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة”( البينة): “رسول من الله” إشارة الى النبوة القديمة أول موجود قبل القبل .قال تعالى”قل إن كان للرحمٰن ولد فأنا أول العٰبدين “وقال “كنت نبيا وادم بين الماء والطين”.قال تعالى “يٰأيها النبي إنا أرسلنٰك شٰهدا ومبشرا ونذيرا”فهو صلى عليه الشاهد على الكون الإلهي،والشهيدعليه،وبالتالي فهو حاضر”يٰأيها النبي إنا أرسلنٰك”أي كان نبيا ثم جاءت الرسالة،ولم يقل تعالى : يا محمد إنا أرسلناك .فهونبي.هيمن على الأرواح بصفته المحمدية فكان شاهدا.وسيطرعلى الأشباح بقالبه فكان شهيدا”يٰأيها النبي إنا أرسلنٰك شٰهدا”.”وجئنا بك على هؤلاء شهيدا”وهي شهادته على أهل الكون كلهم.ولما خصص الله شهادته على أمته قال”وجئنا بك شهيدا على هؤلاء.ونزلناعليك الكتٰب تبيٰنا لكل شيء.وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين”(انتبه الى تقديم وتأخيراسم الإشارة هؤلاء)والشاهد حضوره واجب، وإلا فليس بشاهد.فرسول من الله﴿على هؤلاء شهيدا﴾أي على السابقين.ورسول من عند الله ﴿شهيدا على هؤلاء﴾ أي على أمته،وعلى من تبعهم من الأمم بعد ظهوره.فهو أول من أسلم،وأول العابدين” قل إني أمرت أن أكون أول من أسلم” قال تعالى”نحن نقص عليك أحسن القصص بما أوحينا إليك هذاالقرءان وإن كنت من قبله ” إذاوقفناعلى قوله تعالى “وإن كنت من قبله”فهي اشارة الى”رسول من الله “فهو موجود بحقيقته قبل نزول القرءان ،وإذا اتممنا الاية “وإن كنت من قبله لمن الغٰفلين”اشارة الى”رسول من عند الله”(و ليس في القرءان وقف واجب) قال تعالى” وإذأخذنا من النبيين ميثٰقهم ومنك ومن نوح وإبرٰهيم وموسى وعيسى ابن مريم وأخذنا منهم ميثٰقا غليظا”وذكره قبلهم قال تعالى”ومبشرا برسول يأتي من بعدي اسمه أحمد”وسماه رسولا قبل ظهورجسمه الشريف فهورسول من الله في إنجيل عيسى اسمه “أحمد”. قال تعالى “وإذ أخذ الله ميثٰق النبيين لما اتيتكم من كتٰب وحكمة ثم جاءكم رسول “وسماه رسولا ولا شك أنه جاءهم بصفته”رسول من الله”وإلا فما الفائدة من ذكر المجيئ، إن لم يكن قد تحقق. قال تعالى “رسول من الله يتلوا صحفا مطهرة”.كلمة قرءان وصف من فعلان،اسم فاعل،وهووزن نادر في أوزان اسم الفاعل،مشتق من القرء،أي الجمع والضم،والقراءة ضم الحروف والكلمات بعضها لبعض،والسور،والايات. ومنه قرأت الماء في الحوض أي جمعته.خص بهذا الإسم ولايسمى به غيره.غيره ليس مقروءا بحق،ولا متلوا بحق .فلا يقال لكل جمع قرءان،ولا لجمع كل كلام قرءان،فهو قرءان بعد جمعه بين دفتين .أما الصحف،ففيها مواعظ، وأحكام،وعبرعلى مسألة معينة،تخص الرسول المعني بها.أخذ منها نوح وابراهيم وموسى”فيها كتب قيمة” أي جزء من الكتاب الكلي (القرءان). قال تعالى”ويعلمه الكتٰب والحكمة والتوريٰة والانجيل “الكتاب تعني أن ما جاء به،هو جزء من الكتاب الكلي،أي القرءان.الكتاب :أحكام متصلة يبين بها الرسول لقومه الشريعة التي تخصهم.قال تعالى”هذا ذكر من معي وذكر من قبلي”هذا اشارة الى القرءان،ذكر من قبلي،من الأنبياء.أي ما جئتكم هو الشمولي وليس هناك شئ اخر…لذا عندما قال تعالى “رسول من عند الله” ذكر الكتاب”كتٰب الله”وعند ذكر”رسول من الله ” تكلم عن الصحف فناسب كل اية بما يليق بها.فتدبرفهو رسول من عند الله وغيره “رسول من رب العٰلمين” أي من مربي العالمين،ومعلمهم عبادة ربهم”.(الموقف 25 من المواقف الاحمدية)

وعلى عدد الأنوار تظهر الظلال،وعلى عدد المرايا تظهر الصور وهو واحد من حيث ذاته،متكثر من حيث تجلياته﴿فأين تذهبون إن هوإلا ذكر للعٰلمين﴾هذا من معاني أنه صلى الله عليه وسلم هو( المتأحد في عين الكثرة،والمتكثر في عين الوحدة) كما جاء في صلاة المتردي للختم الأكبر مولاي ابي الفيض محمد الكتاني روّح الله روحه،و قد شرح مرشدنا المربي نفع الله به هذا النعت الأحمدي الرفيع بما يسُرُّ ويمتع فقال: اعلم أن سيدنا محمدا هو مجموع العالم،من حيث أن النور المحمدي هو الهيولى والمادة التي خلق الله منها العالم بأسره.والمتأحد هي الروح الكلية، المتأحدة فلا كثرة فيها أصلا، إنما الكثرة راجعة لتعدد التجليات الإلهية التى لا حصرلها،التابعة للأسماء الإلهية والراجعة إلى عين واحدة ,إلى إسم الجلالة “الله”وإلى المصطحب معه “نبوة مولانا رسول الله “فيمنحها الحق تعالى بهذا التجلي الوجود،أي يظهر المقتضى.وهذا التجلي دائم مع الأنفاس ،فالكون بأسره هو تجلي الأسماء والصفات الإلهية،المتأحدة في عينها،إنما مقتضياتها تعددت وتنوعت فظن المشاهد أن الصفة متكثرة ،وليست متأحدة،والصفة عين الموصوف.ومثال لهذا قوله تعالى﴿ إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾فهذا جمع في فرد. العبادات كثيرة و المصلي واحد،عبادات الملائكة (من قيام وركوع وسجود وتسبيح) جمعت في الصلاة ﴿ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فَرْد في جمع. والصراط المستقيم هو محمد  لأنه ناب عن الكون كله.ومثال ثاني :في الأعداد ما ثم إلا العدد الواحد، وباقي الأعداد كالإثنين ،والثلاثة، والعشرة،إنما هي واحد تكرر مرتان ،وثلاثة، وعشرة مرات ،فالواحد ظهر في مرتبتين فسمي إثنين،وقس على هذا باقي الأعداد،تجد الوحدة في عين الكثرة.والعدد الواحد هو،هو ،والكثرة في تعدد مراتبه. فتأمل،إنمالم يظهر الواحد باسمه في الأعداد، وظهرا بمعناه،إذ لولا معناه لم يوجد لهؤلاء عين،ولو ظهرباسمه لم يوجد لهم عين. وكذلك الألف في الحروف (كل الحروف في باطنها الألف). ومثال آخر الشخص الواحد على عدد ما يقابله من الأنوار تظهر له ظلال متعددة ،وعلى عدد المرايا تظهر له صور وهو واحد، وإن تعددت صوره وظلاله.فهو واحد من حيث ذاته،متكثر من حيث تجليه في الصور وظلاله في الأنوار.فهي المتعددة لا هو، وليست الصور غيره، فمن أين للمرآة معرفة حقيقة ذي الصورة المتجلية في المرآة؟ ومن أين للظل معرفة صاحب الظل الذي امتد عنه ؟ هيهات هيهات. فأمواج البحر من البحر،لاهي هو ،ولا هي غيره ،هي في نفس تكثرها عين البحر. فبلسان الحقيقة هي كثرة مشهودة لا موجود،وإن  تكثرت أحكامها ومظاهرها﴿ فَأَيْنَمَا تُوَلُّواْ فَثَمَّ وَجْهُ اللًّهِ﴾ وبلسان الشريعة هي وحدة موجودة لا مشهودة، فمن وقف مع الكثرة كان مع الأسماء الإلهية ومع الكون، ومن وقف مع الوحدة كان مع الحق في غناه عن العالمين حتى عن أسمائه وصفاته ومقتضياتها.فافهم واحذر من أن تنفش غنمك في حرث القوم )..فالحمد لله على سيدنا و مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

.الفقير الى عفو ربه ابن الهاشمي

754 : عدد الزوار