هو الأول والأخر

قيل لأبي سعيد الخراز بماعرفت الله:قال بجمعه بين الاضداد ثم تلا “هوالاول والأخر،والظاهر والباطن “.
يريد أنه عرفه بأسمائه المتجلية في الوجود فكما تنتج مقتضياتها جمالا في الكون الالهي فهي كذلك متصفة بالجلال، لذا كانت الواو فاصلة بين “الاول والاخر وبين الظاهر والباطن “والتي تفيد المغايرة.   

   فأولية الحق تعالى هي عين أخريته،وظهوره تعالى هو عين بطونه من حيث انه واحد ،من جميع الوجوه،ولا كلام لنا عن الذات الإلهية ،فلايصح أن يكون الله من حيث ذاته أولا لنا او نكون تابعين لأوليته ،و نكون شفعا لأحديته ، تعالى الحق سبحانه عن ذلك علوا كبيرا .إنما الكلام عن مرتبة الالوهية. 

    فالاول والأخر،اسماء إلهية وهي تفيد ترتيبا راجعا على دائرة الواحدية .وهذا المدرك عزيز المنال يتعذر تصوره على من لا أُنْـــسَـــةَ له بالعلوم الالهية كما تقول عبارة الشيخ الاكبر ابن عربي. وهذا المفهم الرقيق هو الذي جعل الملائكة تعقب و تقول : “أتجعل فيها من يفسد فيها”لعدم معرفتهم بمقتضيات الأسماء الإلهية،و كأن هناك فاعلا غير الله في كونه ،وأن خَلْقَ آدم سَيُظهر في الكون أشياء ليست من قضاء الله وقدره،فرد عليهم الحق تعالى “إني أعلم ما لاتعلمون ” لم يعرفوا أن كل ما يظهر في الوجود هو منوط بتجليات الاسماء الالهية فلا يظهر في العالم شئ لايريده الله و كذا قولهم “ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك ” لا خصوصية لهم فيه، فالكون كله يسبح” وإن من شئ إلا يسبح بحمده “. فلولا الاسماء المتضادة مقتضياتها لتعطلت الكثير من الدوائر الكونية. ولو لم يكن   مذنب لكان اسمه تعالى التواب عديم المقتضى والفاعلية،وقوله تعالى ” ان الله يحب التوابين “غير سار المفعول ،ولتعطلت الكثير من الدوائر الكونية. ولو لم يكن هناك أهل الكبائر لما صح قول نبينا صلى الله عليه وسلم :شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي” فجميع ما في الكون إنما هو آثار الأسـماء الإلهية، ظهرت في المخلوقات على وفق مراد الحق سبحانه وتعالى، ونحن نسميها أحداث،ووقائع ،وأفراح، وأتراح. وأمراض… تتنوع لكثرة مظاهرها واختلاف مقاصد مظاهرها.
” إِنْ هِيَ إِلاَّ فِتْنَتُكَ “، “قُـلْ كُلٌ مِنْ عِنْدِ اللهِ”.
فكل شئ في الوجود الا وهو تابع للتجليات الهية تسيره. ولاشئ خارج عن مراقبة الله وقيوميته “إنا كل شئ خلقناه بقدر” ..”وما تسقط من ورقة إلا يعلمها” هذه ورقة عندما تسقط من شجرة هي في علم الله .وهل تسقط من تلقاء نفسها ؟ أم بقضاء وقدر؟
نسأل الله العافية واللطف.

715 : عدد الزوار