شرح مقتضب للصلاة الحبيبية

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.السلام عليكم ورحمة الله. موضوعنا هو اشارات مقتضبة لخبايا الصلاة الحبيبية المسماة كنز الحقائق الشرح المطول موجودبالمدونة ..                       

يقول الشيخ   محمد بن الحبيب الأمغاري: اللهم صل وسلم بأنواع كمالاتك في جميع تجلياتك على سيدنا و مولانا محمد أول الأنوار الفائضة من بحور عظمة الذات. المتحقق في عالمي البطون و الظهور بمعاني الأسماء والصفات.فهو أول حامد و متعبد بأنواع العبادات والقربات. و الممد في عالمي الأرواح و الأشباح لجميع الموجودات. وعلى آله وأصحابه صلاة تكشف لنا النقاب عن وجهه الكريم في المرائي و اليقظات.و تعرفنا بك وبه في جميع المراتب والحضرات.وألطف بنا يامولانا بجاهه ،في الحركات والسكنات و اللحظات و الخطرات. آمـيـن .     

اللهم صلِّ وسلم بأنواع كمالاتك في جميع تجلياتك على سيدنا ومولانا محمد

التجليات الالهية لاحصر لها هي مدد الكون وغذاؤه ويسميها الصوفية كذلك الأعراس الإلهية ،وهي علة ظهورأعيان الموجودات،وهي بذاتها علة المعرفة التي يقدفها الله في قلب المومن بعد أن تُجْلَى مرأة قلبه،بالطاعات والمجاهدات،وبتوجيه الهمة إلى الله تعالى وحده.ولا شك ان مؤلف هذه الصلاة من اصحاب وحدة الشهود والذي راى تجليات الاسماء الإلهية وشاهد الكمال المصاحب لها ،فما في الوجود الا الكمال. قال تعالى ﴿وَقِيلَ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا مَاذَا أَنزَلَ رَبُّكُمْ قَالُوا خَيْرًا ﴾لأنه صنع الله الذي أتقن كل شيء ،ومع كل تجل الهي،حضرة محمدية تضفي عليه الرحمة واللطف كي لا يسحق العباد جلال مقتضياتها،بل حتى الجمال لو غابت عن مقتضاه النبوة المحمدية لهلك العباد. فصلى هذا العارف الكبير على النبوة صلاة شاملة تعم جميع التجليات وجميع المقتضيات، وهو في  نفس الوقت طلب الرحمة للكون الالهي، اذ النبوة ما ارسلت الا رحمة للعالمين.

ثم يقول: اول الانوار الفائضة من بحور عظمة الذات:هوصلى الله عليه وسلم اول مخلوق برق من الذات الاحدية ،صفة الهية لا تجل بها بالكلية، لا تقبل الغيرية.وكذلك الفيضة القرءانية ظهرت من نفس البساط الاحدي.ومن نوره صلى الله عليه وسلم ظهرت انوار الملائكة وانوار الكتب السماوية ،وانوار الانبياء والرسل وأنوار الاولياء، ونورالايمان، ونورالعلم. يقول الشيخ  ابن ميشيش رضي الله عنه “اللهم صل على من منه انشقت الاسرار وانفلقت الانوار”.

ويضيف : المتحقق في عالمي البطون والظهور بمعاني الاسماء والصفات.هو صلى الله عليه اول نور.قال تعالى “لقد جاءكم من الله نوروكتاب مبين” نورالنبوة قال صلى الله عليه وسلم “اول ماخلق الله نور نبيك ياجابر” وهذا يعني ان نبوته تقدمت في الوجود،فانقسمت مهامها بين عالمي البطون والظهور.

ففي عالم البطون تحققت النبوة بالاسماء الالهية وتخلقت بها في دائرة اسم الجلالة “الله” أي بساط الاصطحاب، فلبست النبوة حلل الاسماء والصفات لأن الخلافة الالهية اقتضت،ان يظهر الخليفة بصورة المستخلف، فكانت له صلى الله عليه وسلم هذه الوجهة الحقية التي تنظر الى الالوهية ،وله صلى الله عليه وسلم وجهة خلقية بشر مثلنا “ياكل الطعام ويمشي في الاسواق”قل انما انا بشر مثلكم “وان كان في حقيقة الامر ليس كهيئتنا(كما ورد في الحديث)لأن حتى في عالم الظهور هذه الوجهة كان متسترة بحلل الاسماء الالهية ،فلم يكن له ظل، يرى من خلف كما كمن أمام ،ويرى في الظلمة كما في النور.

 يضيفالعارف :فهو اول حامد ومتعبد بأنواع العبادات والقربات والمدد في عالمي الارواح والاشباح لجميع الموجودات،هوصلى الله عليهوسلم أول حامد وأول محمودوأول عابد لله قبل القبل في البسائط الاولية حيث لازمان ولامكان ولا اين ولا آن .قال تعالى “قل ان كان للرحمن ولد فانا اول العابدين”فلا يعقل ان يكون هوأول مخلوق، ولا يكون اول عابد لله ،فالحق تعالى ماخلق الخلق الا لعبادته” وما خلقت الجن والانس الا ليعبدون”. هو صلى الله عليه وسلم رحمة للعالمين،ومن أرسل رحمة للعالمين، وجب أن يكون قبل العالمين،وأفضل العالمين، وغير محتاج للعالمين،وممدا للعالمين، والعالمين هم من سوى الله . بالتالي فالنبوة سماء الجميع هي المُمِدَّةُ للوجود،يستمد منها كل موجود.فأول مددها كان لآدم عليه السلام فَعُلم الاسماء الذي اعجز بها الملائكة.قال البصيري رحمه الله :   لك ذات العلوم من عالم الغي= ب،منها لآدم الاسماء                                 قال تعالى﴿كُلّا نُّمِدُّ هَٰـؤُلَاءِ وَهَٰؤُلَاءِ مِن عَـطَـاءِ رَبّـكَ وَمَاكَانَ عَـطَاءُ رَبِّكَ مَحظُورًا ﴾ ” وقال صلى الله عليه وسلم ‘الله المعطي وانما انا قاسم” وقال المشيشي”ولا شئ إلا وهو به منوط” فلا تمرطاعات،ولاتمنح عطاءات ولاتصل نفحات  إلاعبر جسر برزخيته وقهرمانية وساطته،بل أعمالنا تعرض عليه.

يضيق شيخنا : وعلى آله واصحابه صلاة تكشف لنا النقاب عن وجهه الكريم في جميع المرائي واليقظات،عارفنايطلب الرؤيا المحمدية يقظة ومناما اذ لا توجد نعمة اكبر من رؤية النبوة المحمدية الا،رؤية الربوبية “وجوه يومئذ ناضرة الى ربها ناظرة”وهذا الطلب هوأكثر الطلبات ترددا على لسان العارفين.والنبوة المحمدية تُـرى حسب ماتريد هي ،لا حسب ما يريده الرائي.فالعارف يراها بها، لا بنفسه وهذا مقام “كنت سمعه الذي يسمع به وبصره الذي يبصر به….الحديث” كان الورد الذي اعطاه الخضر للشيخ عبد العزيز الدباغ هو ان يذكر كل يوم سبعة آلاف: “اللھم يا رب بجاه سيدنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم اجمع بيني وبين سيدنا محمد بن عبد الله في الدنيا قبل الآخرة”.فكانت بداية الدباغ من نهاية غيره.

وتعرفنا بك وبه في جميع المراتب والحضرات. طلب شيخنا معرفة الله ومعرفة سيدنا محمد نبي الله في جميع مراتب نبوته وحضراتها والتي لا تحصر بعدد.. قال صلى الله عليه وسلم” ما عرفني حقيقة غير ربي”.وكل عارف كان أعرف من غيره بمراتب النبوة وحضراتها فهو اعلا مقاما منهم.

ويختم صلاته على النبوة بقوله:والطف بنا يا مولانا بجاهه في الحركات والسكنات واللحظات والخطرات،قال ألطف بنا وحساب جمل( بنا )يساوي 53  و 53 هو كسر اسم أحمد، فكأن الشيخ رضي الله عنه يطلب اللطف للخلائق في جميع المقتضيات الأحمدية وفي جميع الحالات التي تشمل حياة الانسان سواء حركة او سكون او لحظة او خطرة .سبحان ربك رب العزة عما يصفون، وسلام على المرسلين، والحمد لله رب العالمين. وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

من اراده على شكل ب د ف فليراسل بريد المدونة

546 : عدد الزوار