بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمةَ الزهراء سيدة نساء العالمين،وعلى سيدتنا خديجةَ الكبرى امِّ المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.السلام عليكم ورحمة الله. موضوعنا حولالانفس البشرية. الانفس البشرية السبعة :
1= النفس الامارة بالسوء: هي نفسٌ كثيرة الذنوب، آثمةٌ، ظالمةٌ لصاحبها.تجره الى معصية والى مخالفة اوامر الله . قال تعالى : وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لَأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلَّا مَا رَحِمَ رَبِّي إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَحِيمٌ”. 2= النفس اللوامة : هي نفس تخافُ الله وتخشى عقابه،لهذا فهي كثيرة اللوم،أقسم بها الحق تعالى في محكم كتابه قال ﴿وَلاَ أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ﴾ وهي تكون كذلك عند الصالحين وتلومهم اذا صدر منهم فتور في الطاعة اوغفلة عن ذكر الله . 3= النفس الراضية : هي نفس راضية بقضاء الله ، قانعة بعطاءه ،تصبر على بلائه ،وتحمده على نعمائه . 4= النفس المرضية : رضاها بقضاء الله اكسبها رضا الله . 5= النفس المطمئنة :وهي النّفس التي سَكنت إلى ربّها ولا تأمر الا بالخير، قال صلى الله عليه وسلم “اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ نَفْسًا بِكَ مُطْمَئِنَّةً، تُؤْمِنُ بِلِقَائِكَ، وَتَرْضَى بِقَضَائِكَ، وَتَقْنَعُ بِعَطَائِكَ” والنفس المطمئنة جمعت صفتي الراضية والمرضية قال تعالى ﴿يَا أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْمُطْمَئِنَّةُ ارْجِعِي إِلَى رَبِّكِ رَاضِيَةً مَرْضِيَّةً فَادْخُلِي فِي عِبَادِي وَادْخُلِي جَنَّتِي﴾
6= النفس السادسة هي النفس الزكية : هي المزكاة من كل عيب بالمجاهدات وكثرة الطاعات وهي نفس اولياء الله الصالحين قال تعالى: ﴿قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا﴾ فالفلاح صفتها 7=واخيرا النفس الكاملة :نفس فحول الاولياء الذين بلغوا مقام الانسان الكامل . فاستقرت الصفة المحمدية في وجدانهم “مازال عبدي يتقرب الي بالنوافل حتى احبه فاذا احببته كنت بصره الذي يبصر به وسمعه الذي يسمع به الحديث.. النفس الراضية والمرضية والمطمئنة والزكية هم درجات النفس الملهمة تقوى ربها.قال تعالى “فالهمها تقواها. أما النفوس الحيوانية فنفوس الكفار والمشركين والملحدين قال تعالى” إن هم كالانعام بل هم أضل سبيلا ” . وقال” مثله كمثل الكلب “”والذين كفروا يتمتعون وياكلون كما تأكل الانعام والنار مثوى لهم”. واخيرا نفس ابليس :نفس شيطانة مجبولة على الشرلاتعرف الخير اطلاقا ولا تمتثل الأمر والنهي . الشرلها ذاتي ولا تحول لهاعن شيطنتها ابدا .
وهناك تصنيف اخر عرفاني: قال الله تعالي “يا أيها الناس انتم الفقراء الى الله والله هوالغني الحميد “، فكل شخص مفتقر الى اسماء الله هي المتجلية عليه والآخذة بناصيته ، وكل ما يفتقر اليه يصب في اسم من اسمائه وتجل من تجلياته تعالى.وهناك اسماء إلهية جلالية محضة واسماء جمالية محضة ،وهناك اسماء لها احيانا مقتصى جمالي ومرة جلالي .فالمخلوق تارة تجره اسماء الرحمانية وتارة تجره اسماء الرحيمية ” فإذا ركبوا في الفلك دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الي البراذا هم يشركون”.دعوا الله باخلاص ولما نجوا اشركوا . ومن هنا راى بعض العارفين ان النفس البشرية تتقلب بين تجل وتجل. فقالوا الانفس إثنان،فهم يرون انفسهم بين تجل وتجل ،هم بربهم ومع ربهم ،لا يرون فاعلا سواه يحركهم كيف يشاء فوقفوا مع الحقيقة . قال تعالى “بل هم في لبس من خلق جديد ” بحيث من المحال بقاء الحال على نفسين اثتين ،لهذا الوسع الالهي في التجليات و لدوام افتقار الملك الى الله تعالي،في كل لحظة،فنحن في خلق جديد بين تجل وتجل ،صاحب هذا المقام يقول ماذا سيفعل بي غذا. غيره يقول ماذا سأفعل غدا .
وابن عربي عندما حقق ذوقا تقلب نفسه مع التجليات قال:
لقد صار قلبي قابلا كل صورة **** فمرعى لغزلان وديرٌ لرهبان
وبيت لأوثان وكعبة طائف**** وألواح توراة ومصحف قرءان
ومن سمع هذا الكلام يظن ان الشيخ الاكبر، يقول بوحدة الاديان وليس الامر كذلك انما هي وحدة التجليات أي ان التجليات الالهية راجعة الى عين واحدة أي الى اسم الجلالة ” الله” فسلطان التجلي هو الحاكم و الكون إلهي يسيروفقه .
سُئل الجنيد رحمه الله هل يزني العارف قال “وكان امر الله قدرا مقدورا ” ففي كل “مرتبة “سواء كانت النفس أمارة أو لوامة فهي في الحقيقة يدبرها اسم إلهي. سئل سهل بن عبد الله التستري : ما القوت قال ” القوت الله”.
فنحن نسير تحت سلطان التجليات الالهية ومقتضياتها ،ولا يمكن رفع مقتضى اسم إلهي الا باسم إلهي اخر،وهذا هوسر ربط الانفس بأسماء إلهية كما فعل الشيخ عبد القادر الجيلاني قدس الله سره ،وهو سر قول الحبيب صلى الله عليه وسلم ” أعوذ بك منك” وقول شيخي رحمه الله :اللَّهُمَّ إِنِّيَ أَعُوذُ بِأَحَدِيَّتِكَ مِنْ وَحْدَانِيَّتِكَ وبِلُطْفِكَ مِنْ رَحْمَانِيَّتِكَ.. وَبِصمَدِيَّتِكَ مِنْ أَضْدَادِ قَيُّومِيَّتِكَ. وَبِوُجُوبِكَ مِنْ إِمْكَانِكَ. وَبِغِنَاكَ مِنْ حَاجَاتِكَ. وَبِبُطُونِ كُنْهِكَ مِنْ مَاهِيَاتِكَ. وَبِكَ مِنْكَ لاَ أُحْصِي ثَنَاءً عَلَيْكَ. أَنْتَ كَمَا أَثْنَيْتَ عَلَى نَفْسِكَ ….فَقَومٌ تجلي عليهم سبحانه وتعالي باسمه المضل والمذل فهم في بساط النفس الامارة بالسوء ،يعيشون تحت ذل المعصية لايعبأون بنصيحة ولايتعظون بموعظة ما دام هذا التجلي قائماعليهم ،وقوم تجلي عليهم باسمه المعزوالهادي فهم في طاعة دائمة، واخرون تجلي عليهم هنيهة باسم ما ،فغفلوا عن الذكر فاعتبروا انفسهم في تلك الساعة امارة بالسوء “وحسنات الابرار سيئات المقربين” .قال تعالى على لسان سيدنا موسى” ان هي الافتنتك تضل بها من تشاء وتهدي من تشاء “.كان مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول “اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلبي علي طاعتك اللهم يا مقلب القلوب ثبت قلوبنا على طاغتك و لاتزغ قلوبنا بعد اذ هديتنا. وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.
