إشاراتٌ عن المُخَمّس العَرْشِي

﴿بِسْم اللّه الرّحْمَن الرّحيم﴾﴿الحَمْدُ للّه ربّ العٰلمين﴾حمْدَ العارفين،و﴿لا إله إلا الله﴾ توحيد المُقرّبين،والصّلاةُ والسّلامُ على نَبيّ الله صلاة الأحاديين ، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد مدينة العلوم الإلهية،وعلى اله وصحبه أبواب الأسرار الربانية،وعلى العارفين ذوي الهمم العالية والمعارف اللّدُنية والفتوحات الكشفية،صلاةً نلِج بها دوائر الأولياء،وننالُ بها المقامات القعساء.

أما بعد فهذا الموضوع يتطرق للمُخَمّس العَرْشِي تأصيلا و إشارات مأثورةعمّا حُزْنا عليه من مشربنا العرفاني.

توطئة :
قال الحق تعالى: (وَٱلۡمَلَكُ عَلَىٰٓ أَرۡجَآئِهَاۚ وَيَحۡمِلُ عَرۡشَ رَبِّكَ فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ ثَمَٰنِيَةٞ ١٧ يَوۡمَئِذٖ تُعۡرَضُونَ لَا تَخۡفَىٰ مِنكُمۡ خَافِيَةٞ ١٨) سورة الحاقة.
=>  قال مشايخنا قدس الله سرهم أنّ كلمة العرش الواردة في هاته الآية من بين ما تشير إليه إلى الآدميِّين الأولِين الذين ركبوا في السفينة ،وهم ثمانية أشخاص:


أربعة رجال وهم (نوح وسام وحام ويفيث)
وأربعة نسوة هُن زوجاتهم, فكانت الأمة الإنسانية بعدهم عربا وعجما كلهم راجعون إلى هؤلاء الثمانية.” وجعلنا ذريته هم الباقين”


> و العدد ثمانية إشارة إلى أنّ الأمة الإسلامية المرحومة إنِ اجتمع منها ثمانية أشخاص خواصٍّ مومنين وطلبوا الله تعالى التخفيف أو رغد العيش فإن الله تعالى يستجيب لهم.

> هذه الثمانية المشار إليها هي عدد حروف الإسم الشريف : أحمد- محمد صلى الله عليه و سلم و على اله و صحبه , فيكون الذين يحملون سر هذه الحروف الثمانية لا يزيدون على ثمانية أشخاص في المُلك كله, قال تعالى (وَجَعَلۡنَا ذُرِّيَّتَهُۥ هُمُ ٱلۡبَاقِينَ وَتَرَكۡنَا عَلَيۡهِ فِي ٱلۡأٓخِرِينَ سَلَٰمٌ عَلَىٰ نُوحٖ فِي ٱلۡعَٰلَمِينَ إِنَّا كَذَٰلِكَ نَجۡزِي ٱلۡمُحۡسِنِينَ ) الصافات.

.. قال الحق (فَوۡقَهُمۡ يَوۡمَئِذٖ ثَمَٰنِيَةٞ) فأثْبَتَ لهم الفوقية والرفعة،والمقامات القعساء ، وقد جاء  رسم كلمة (ثَمَٰنِيَةٞ) بألف محذوف إشارة لتجدد ظهورهم في كل عصر و مصر ، لا يخلُ زمن منهم و لا مكان   رضي الله عنهم و نفعنا بهم..و جاء التنوين  في آخر الكلمة مفيدا للتعريف ،فهُم معروفون في السماء .. يعرفهم  ثلة من أهل الأرض و يجهلهم الأكثرون سترا و غيرة إلهية عليهم.

المُخَمّس العَرْشِي

 تسميته بالمخمس العرشي نسبة الى خانة العرش وهذا المخمس له تصاريف عند علماء خواص الاسماء والحروف ,وعلماء السيمياء ،وقد ذكره غير واحد. بعض كبار الأولياء قدس الله سرهم ،رسموا مُخَمّسا وأطلقوا عليه المُخَمّس العَرْشِي وهو مُهِمٌّ في كثير من العلوم والمطالب و المقاصد ، وتناوله غير واحد من ساداتنا أئمة التصوف كابن عربي والشاذلي والمرسي والإسكندري، وابن وفا، وزروق وعبد الحق الشامي وأبو بكر التواتي، وابن عزوز وعلي بابا السوداني، والزبيدي وماء العينين وغيرهم كثيرون رضي الله عنهم أجمعين.


> هذا المُخَمّس العَرْشِي له صيت كبير بين العارفين والمهتمين، ولا زال يعطي عطاء ويعلن عن علوم جمة، حيث رُتِّب فيه من الأسماء ما لم يُرتَّب في غيره، وجُعِلتْ عدد خاناته على عدد كلمات فاتحة الكتاب أي 25 خانة.

وبه تتميز مقامات الأولياء مند زمن الصحابة والتابعين الى أن يرث الله الأرض ومن عليها .فابن عربي ما زال يتصدر خانة العرش واظن ان الذي كان فيها قبل ابن عربي :أبو يزيد البزطامي.
> المُخَمّس العَرْشِي تنقسم خاناته الخمس و العشرون لخانات حمّالة العرش الثمانية،والأقطاب الأربعة والأوتاد الأربعة والملائكة الأربعة والعرش والكرسي والقلم واللوح.وقد ذكرها في ابيات شعر مرموزة الشيخ الشهير سيدي رحال الكوش الملقب بالبدلي رضي الله عنه نزيل بلدة زمران من حوز مراكش المحروسة. قال :

رمزت لأوتادٍ بأبياتِ أهْسَذٍ =واقطابٍ جضكْصَثٍ وقلبٌ لغوثها

ملائكةٌ زطفَقٍ حَلْنَضٍ لعرشها=بدوي عَرْتَخٍ حمالةُ عرشها

فأقسمْ بعقلٍ ما قد جُمع عندك= من أية أو اسم لاتكرر عددها

نَقِّلْ بيوت الحمَّال في الوِفْق كله=واعلم بأن الورع يخص سرها

المُخَمّس العَرْشِي : خمسة خانات افقية وخمسة خانات عمودية ،الخانة الوسطى للعرش:


*الأوتاد=وهم ساداتنا الأنبياء العزميون عليهم السلام:

-سيدنا نوح
-سيدنا إبراهيم
-سيدناموسى
-سيدنا عيسى


*الأقطاب = الخلفاء الأربع رضي الله عنهم :

-القطب الأعلى: سيدنا أبُو بكر
-القطب الأدنى: سيدنا عُمر
-القطب اليمين :سيدنا عُثمان
-القطب المقابل له :سيدنا عَليّ

*الملائكة الاربعة عليهم السلام


سيدنا جبريل- سيدنا إسرافيل- سيدنا ميكائيل – سيدنا عزرائيل..وبداية أسمائهم تجتمع في حروف إسمه تعالى  (جامع).


*العرش ..الذي به تتم الاستجابة و يحصل به الاطمئنان ويحظى به الذاكر ويرفع به المقام وتقضى بها الحاجات المختلفة.وهو للخانة الوسطى.وهي لإبن عربي ربما لآخر الدهر.وقد اشار رضي الله عنه لهذا في بيت شعري

*الكرسي :العامل نفسه وهو المحرك للقدر حتى يظهر أثره. فلولا الإنسان لما ظهر شيء من المقتضيات الأسمائية وغيرها، فيكون أحسن الناس هو الذي يربط الأسباب بالمسببات ويجعلها بين يدي المسبب فيرجع إلى ربه بأسبابه وكل طلباته، ويسأله أن يسخر له وبه وهذا هو المراد.

*القلم :هو القضاء الاولي وما خطه من كل ما كان وسيكون،حسا ومعنى ظاهرا وباطنا وهو مربوط ربطا متينا بمولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى اله، بل النبوة المحمدية هي العقل الاول وهي عين القضاء والقدر..

*اللوح : يطرحك على الطبيعة الأصلية فيكون تحريك الشيء بواسطتها لأنها أصل أصيل في عالم الماديات والهياكل. ولقد جمعت الطبائع في جسم ادم عليه السلام فكانت الخلافة عن الله تعالى له ولم تكن لمن أصله من طبيعة واحدة كالملك والجن وغيرهما، لأن الكل جزء من الإنسان، لهذا ساهمت الطبيعة في خدمة الإنسان وقضاء مصالحه..

*الحمّالة الثمانية ..ثمانية من كبار الأولياء عليهم المدار فهُم أعرف من غيرهم بسر سيدنا ومولانا رسول الله صلى الله عليه و سلم ،هم على عدد حروف (محمد أحمد) كما تقدّم.

وكُلُّ خانة من الخانات الخمس و العشرون يشغُرها ولي من أكابر أولياء الأمة المحمدية في كل عصر و مصر ولكل منهم عمل و تصرف يخصه..وهذا ما يصطلح عليه عند القوم بالحكومة الإلهية الباطنة.. ( للتوسع يرجى الإطلاع على موضوع “أسرار لاتدركها الأبصار:الحكومة الباطنة”)..

و صلّ اللهم و سلّم و بارك على سيّدنا و مَولانا مُحَمّدٍ و عَلى آله و صحْبه أجمَعين والحَمْدُ للّه ربّ العٰلمين

الفقيرالى عفو ربه : ابن الهاشمي

1٬596 : عدد الزوار