شرح القاعدة الرابعة والعشرين

بسم الله الرحمن الرحيم. الحمد لله رب العالمين. وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد،وعلىآله وصحبه أجمعين.  نُواصل شرحنا للقواعد المُباركة من (خريطة السلوك العرفاني) لأستاذنا سيدي محمد بن المبارك حفظه الله،وقاعدة درسنا تقول: [إعلم أن إطلاق الصورة على الله تعالى عند أهل النظر مجاز لا حقيقة،إذ لا تستعمل الصورة حقيقة إلا في المحسوسات دون المعقولات.أما عند المحققين فإن الصورة تستعمل في وصف مرتبة الألوهية حقيقة،لأن العالم بأسره صورة الحضرة الإلهية تفصيلاً، والإنسان الكامل صورة الحضرة الإلهية إجمالاً(خلق الله آدم على صورة الرحمن) ].

(الصورة)لغة لها معنيين: الأول(كُلّ ما يُصَوّر)،الثاني(شكل وتمثال مُجسّم).. وصورة الشيء(خَياله في الذّهن أو العقل).ومن أسماء الله تعالى (المُصَوّر): قال الله تعالى (هوالذي يُصوّركم في الأرحام كيف يشاء)،(وصَوّركم فأحسن صُوركم ورزقكم من الطيبات).. من هنا كانت (الصورة)،حقيقة،تُستعمل في المحسوسات دون المعقولات..لأن المحسوسات لها شكل وجِرْم وتمثال مُجسّم،فكل محسوس يَقبل التحيّز والمكان،وهومُرتبط ب(الأجرام والأجسام والجواهر)..أما المعقولات فهي مُجرّدة عن المادّة،لذلك ليس لها صورة إلا من حيث المجاز والعادة..فدائرة (المحسوسات) أداة اليقين فيها الحواس الخمس، ودائرة (المعقولات) وأداة اليقين فيها العقل.. فالمحسوسات شيء ظهرت عَينه وظهرت آثاره،والمعقولات شيء غابت عينه وبَقيت آثاره..العارفون عندما يتحدثون عن الحق تعالى فهم لا يقصدون (الذات الإلهية) الغنية عن العالمين،وإنما يقصدون (مرتبة الألوهية). والإسم الجامع (الله)هو إسم عَلم ذاتي لمرتبة الألوهية الجامعة لحقائق الأسماء كلها.. ومرتبة الألوهية تطلُب المألوه،من حيث أن الأسماء الإلهية تطلب ظهور مقتضياتها التي هي الكون وكل ما سوى الحق تعالى.. ولا تخرج ذرة من ذرات الوجود عن دائرة الألوهية،وما في الكون إلا أسماء الله وصفاته،والأسماء الحسنى سارية في الخلق جميعاً.. يقول إبن عربي: [إن الحق بين الخلق وبين ذاته الموصوفة بالغنى عن العالمين. فالألوهة في الجبروت البرزخي،فتُقابل الخلق بذاتها وتُقابل الذات بذاتها.ولهذا لها التجلّي في الصور الكثيرة والتحوّل فيها والتبدّل.فلها إلى الخلق وجه به يتجلّى في صور الخلق،ولها إلى الذات وجه به تظهرإلى الذات.فلا يعلم المخلوق الذات إلا من وراء هذا البرزخ،وهوالألوهة،ولا تحكُم الذات في المخلوق بالخلق إلا بهذا البرزخ. وتحقّقناها فما وجدنا سوى ما ندعو به من (الأسماء الحسنى).. فلا تَسُبّ المعبودات،فإن سريان الألوهية في الموجودات،ولولا ذلك ما قامت،ولولاقيوميتها ما دامت.. وصورالعالم لا يمكن زَوال الحق عنها أصلاً،فحدّ الألوهية له بالحقيقة لا بالمجاز،كما هو حد للإنسان (للجسد الإنساني) إذا كان حياً.. ].. وشرح هذه القاعدة المباركة يكون من خلال التطرق إلى ثلاث مفاهيم محورية في العرفان، وهي: (مرتبة الألوهية) و(العالَم) و(الإنسان الكامل). هذا الثالوث المفاهيمي يجمعه ثنائية (الحق والخلق)..الوجود بأسره (العالَم) مَظهر ومَجلى للأسماء الإلهية (مرتبة الألوهية).. و(الإنسان الكامل) هوروح العالَم وقَلبه..وهذا ما لخصه العارفون عند تكلمهم عن المُضاهاة التي لها مظهران: المُضاهاة بين مراتب الوجود وحقائق الإنسان،والمضاهاة بين حضرة الحق تعالى والإنسان من حيث خَلقه على الصورة..  وقد وضع الشيخ الأكبر قاعدة عرفانية في المسألة،يقول: [.. كل حُكم يثبُت،في باب العلم الإلهي،للذات إنما هو للألوهة،والألوهية (نِسَب وإضافات وسُلوب). فالكثرة في النّسب (أحكام الألوهية)،لا في العَيْن (الذات). وهنا زَلّت أقدام من شَرّك بين من يقبل التّشبيه (وهي الألوهية) وبين من لا يقبله (وهي الذات)،عند كلامهم في الصفات.. والكلمات التي توهم التّشبيه هي (أدوات إلى أفهام المُخاطَبين)..]. والعارفون يقصدون بالإنسان الكامل سيدنا ومولانا محمد صلى الله عليه وسلم،فله الأصالة في هذه المرتبة،وغيره ممّن تَوفّرت فيه شروط الكمال يكون نائباً ووَكيلاً عنه في هذه المرتبة الشريفة،رُسُلاً وأولياء.. وقد دَرج العارفون،للتمييز بين المرتبة بالأصالة والمرتبة بالنيابة،إلى وصف سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم ب(الإنسان الأكمل)،وغيره من النواب ب(الإنسان الكامل).. وهو ما عبّر عنه الشيخ الأكبربقوله (الإنسان الكامل خليفة عن الإنسان الكُلّ الكبير..).ومطلق الإنسان حازَ(حقائق العالَم)، والإنسان الكامل أضاف إلى مجموع حقائق العالم مجموع (حقائق الحق)،وكان على الصورتين (صورة العالم وصورة الحق).. فمن جُمعت فيه أحكام الحقائق وتَميّزت فيه مراتبها جميعاً،فهو (صورة الحق ونُسخة الحق)..وممّا أورد إبن عربي في الجواب عن السؤال الأربعين من أسئلة الحكيم الترمذي، وهو(ما صفة آدم عليه السلام؟)،قال: [..لما حاز الإنسان الكامل صفة الكمال،قَبل الأسماء الإلهية كلها،فإنه (مجموع العالَم من حيث حقائقه). فهوعالم مُستقلّ،وما عداه فإنه جُزء من العالَم.. فالعالَم كله تفصيل آدم عليه السلام،وآدم هو الكتاب الجامع.. وإذا نظرت في العالم،وحده،دون الإنسان،وجدته كالجسم المُسوّى بغيرروح.. والإنسان منفوخ في جسم العالم،فهو المقصود من العالوأكمل مَجلى ظهر فيه الحق بأسماء وصفاته هو(الحقيقة المحمدية)،وهي الإنسان الكامل بأخصّ معانيه.. وقد إنفرد سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم بأنه مَجلى للإسم الجامع الأعظم (الله)،ولذلك كانت له (مرتبة الجمعية المطلقة).. وهي مبدأ خَلق العالَم وأصله.. وهي مُنتهى غايات الكمال الإنساني.. كما أنها المشكاة التي يستقي منها الوجود عامة،والأنبياء والأولياء خاصة،حساًومعنى،ظاهراً وباطناً.. وسيدنا محمد هو البرزخ الجامع والوساطة العظمى بين الحق والخلق،فلا دخول إلا من بابه ولا تجلّ إلا منه ولا شهود إلا فيه.. ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو (الخليفة الكلّي)،ولابد أن يظهر بصورة من إستخلفه فيما إستخلفه، فكانت له الإحاطة والتحلّي بجميع الأسماء والصفات الإلهية التي يطلبها العالَم (إن الذين يبايعونك إنما يبايعون الله)،فكانت مبايعة سيدنا محمد في صورة لاهوتية (الوجهة الحقية).. وقال تعالى(وما رميت إذ رميت ولكلن الله رمى) فكان الرّامي (الله) في صورة محمدية..فما خاطَب الإله إلا محمداً،وما سمع الكون إلا من محمداً.. يستمدّ من الله،ويُمدّ الكون.. وهو ما جاء في صلاة التجلي لشيخ شيخنا مولاي عبد السلام قدس الله سره: (فخاطبته وسمع منك،ثمّ خاطب الكون،فصار الكل عائداً إليك) فلخّص بذلك المفاهيم الثلاثة (الله،الإنسان الكامل،الكون)،فقوله (فصار الكل عائداً إليك) يقصد به دائرة الألوهية..فإصطحاب نورالنبوة مع الأسماء الإلهية ومع الفيضة القرآنية هو (بداية ونهاية الخلق)،وما فوقه خاص بالله تعالى.. من هنا كانت الحقيقة المحمدية هي الظاهرة في صور الوجود (الظاهر في المظاهر)،وليست الذات الإلهية التي لها الغنى عن التجلي،والغنى حتى عن الأسماء والصفات. فغاية وصول العارفين إلى الحقيقة المحمدية التي هي سدرة منتهى الجميع.. ومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الوحيد الذي له (الحل والربط والنقض والإبرام)،فهو برزخ عظيم بين المخلوقات وربها،ومعاملة الخلق كلها معه بحُكم النيابة والخلافة الكلية..الكون تابع للتجليات الإلهية،مُفتقرإليها،هي غذاؤه وسرّ بقائه وإستمراره،فلكل حقيقة وجودية إسماً يخُصّها من الأسماء.. والتجليات الإلهية تطلب وساطة الحقيقة المحمدية،فلا يمُرّ تجلّ من التجليات الإلهية إلا وبصُحبته حضرة من حضرات النبوة المحمدية ليكون اللطف في الكون الإلهي،من هنا كانت مراتب النبوة المحمدية وحضراتها ظاهرة في كل شؤون الوجود،وهي وجه الله المشهود لأصحاب وحدة الشهود… عندما سُئل الإمام الجنيد عن (العارف والمعرفة)،قال: (لون الماء لون إنائه) وسَكت. يُريد أن الماء لا لون له،وإنما يظهر مُتلوّناً بلون الإناء. وكذلك الحق تعالى لا صورة له،وإنما يظهر بصورة العارف له. فالعارف الكامل مرآة الحق،يرى الحق فيه أسماءه وأوصافه.. فظاهر العارف (خَلق) وباطنه (حَقّ). فصورة باطنه هي صورة الحق تعالى لأنه مُتخلّق بأخلاقه مُتحقّق بأسمائه.. وليس المُراد من نسبة الصورة إلى الحق تعالى إلا أسماؤه (أي مرتبة الألوهية) ،لا أن له شكلاً مُصوّراً محدوداً،تعالى الله عن ذلك علواً كبيراً..  كما أن مقولة الإمام الجنيد يُمكن تأويلها بأن (التجلّي لا يَقع إلا حسب إستعداد المُتجلّى عليه)..وقد ورد في الخبر: (إن الله خلق آدم على صورته) وفي رواية (على صورة الرحمن)..الخليفة الكلي هوسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم (خلافة على الأرواح وعلى الأشباح)،وغيره من العارفين خُلفاء بالنيابة والإرث المحمدي.. والخليفة لا بد أن يكون ظاهراً بصورة مُستخلفه،وهي أسماؤه وصفاته. وإذا نَقصه شيء من الصفات فقد نقصه من الخلافة بقدرها. من هنا كان العارفون مُتفاوتون في هذه المرتبة،وفي الإستمداد من الخليفة الكلي صلى الله عليه وسلم،فكل عارف على حسب مقامه ذائق وبتجليات عصره ناطق..  

   يقول إبن عربي: [واعلم أن الله لما خلق آدم على صورته،عَلمنا أن الصورة هنا،في الضمير العائد على الله،أنها: صورة الإعتقاد في الله الذي يَخلقه الإنسان في نفسه من نَظره أو توهّمه..].بمعنى أن (صورة الحق / صورة الله) لا يقصد بها الله من حيث ذاته،بل الحق كما هو في الإعتقاد.. ورواية (على صورة الرحمن) صحيحة من طريق الكشف.. الرحمة صفة، والموصوف بها هومولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم،وما وُجد العالم إلا للرحمة وبالرحمة (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)،فالرحمة سارية في الكون كله.. قال الشيخ الجيلي: [سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم نسبة بين الله تعالى وبين الكون بأكمله،ولو لم يكن موجوداً ما كان شيء من الموجودات يَعرف ربه،بل لم يكن العالَم موجوداً. لأن الله تعالى ما أوجد العالم إلا لمعرفته،فأوجد النسبة أولاً ثمّ أوجدهم من تلك النسبة ليَعرفوه بها].                                 يقول صلى الله عليه وسلم (الله المعطي،وإنما أنا قاسم)،ومن قَسم لك فقد أعطاك. فكل ما ينزل من السماء أو يصعد يمُرّ عبر برزخيته صلى الله عليه وسلم (ولا شيء إلا وهو به منوط).. فحكم الرحمة في الوجود لازم،فعَمّت جميع الموجودات بفضله صلى الله عليه وسلم،فهو (عين الرحمة الربانية) التي أبرزها الله من نوره..فمقتضى الإسم الإلهي لا يصل إلى الكون مباشرة،بل لا بد من الإصطحاب مع النبوة ليكون اللطف في التجليات الإلهية..فالخزائن لله والتصرّف لخليفته صلى الله عليه وسلم..وسنورد نصوصاً لبعض العارفين المحققين حول مختلف المسائل السابقة،ليتّضح مضمونها: يقول إبن عربي: [لما شاء الحق سبحانه من حيث أسمائه الحُسنى،التي لا يبلغها الإحصاء،أن يرى أعيانها،وإن شئت قلت أن يرى عَينه: أوجَد العالَم كُلّه وُجود شَبح مُسوّى لا روح فيه،فكان كمرآة غير مَجلُوّة. فاقتضى الأمر جَلاء مرآة العالَم،فكان (آدم عَيْن جَلاء تلك المرآة)..]. ويقول في وصل (شرف الإنسان الكامل على غيره): [ فهذا المنزل يُعطيك شرف الإنسان على جميع من في السماء والأرض،وأنه العين المقصودة للحق من الموجودات،لأنه (الإنسان الكامل) هو الذي إتّخذه الله (مَجلى)،لأنه ما كمُل إلا بصورة الحق.كما أن المرآة،وإن كانت تامة الخلق،فلا تكمُل إلا بتجلّي صورة الناظر،فتلك مرتبتها،و(المرتبة هي الغاية).كما أن الألوهة تامة بالأسماء التي تطلُبها من المألوهين،فهي لا ينقصها شيء،وكمالها،أعني الرتبة التي تستحقها: (الغنى عن العالمين)،فكان له الكمال المطلق بالغنى عن العالمين..].. فالألوهية تُدرَك بالآثار،والذات لا تُدرك.. فارتبطت المعارف بالآثار،وصار الدليل شَرطاً في الوصول إلى المدلول عليه..

ويقول أيضاً: [وجعله الله (الإنسان الكامل) العين الـمقصودة من العالم،كالنفس من الشخص الإنساني. ولهذا تخرب الدنيا بزواله،وتنتقل العمارة إلى الآخرة من أجله. فهو الأول بالقصد،والآخر بالإيجاد، والظاهربالصورة،والباطن بالسورة (أي المنزلة). فهو عبد الله،وربّ بالنسبة للعالم..].

يقول في (بلغة الغواص): [.. إن الوجود كله هو الحقيقة المحمدية،وإن (النزول منها إليها،وبها عليها).وإن الحقيقة المحمدية في كل شيء لها وجهان: وجه (محمدي) ووجه (أحمدي).فالمحمدي(علمي جبرائيلي)،والأحمدي (إيماني روحي أمّي).. وإن (التّنزيل) للوجه المحمدي، و(التجلّي) للوجه الأحمدي..]..ويقول: [..فلا فلك أوسع من فلك سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،فإن له الإحاطة،وهي لمن خصّه الله بها من أمته بحكم التبعيّة.فلنا الإحاطة بسائر الأمم،ولذلك كنا شهداء على الناس..].. ويقول: [.. إن لكل نفس منا حظاً من سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم،وهوالصورة التي في باطن كل مسلم منه.فهو في كل نفس عنده تلك الحال المدعُوّ بها بدعائه والصلاة عليه،فما حصلت الخلّة من هذا الوجه إلا بعد دعاء كل نفس.وهكذا يجده أهل الله في كشفهم،فاعلم ذلك..]..                         ويقول: [..فإنه تعالى (ما يتجلّى إلا في صورة محمدية،فيراه برؤية محمدية) ،وهي (أكمل رؤية يُرى فيها الحق وبها)..الرّائي عبد،والمَرئيحق، والمَرئيبه حق. وهذه أكمل رؤية تكون حيث كانت..(فما رآني من رآني إلا بي،ومن رآني ببصره فما رأى إلا نفسه،فإنني بصورته تجلّيت له)..].فالحق عز وجل،عندالعارفين،هو (الله مُتجليّاً في صور الأشياء،مَشهوداً في أعيُن الخلق)..فرؤية الحق في (مرتبة ألوهيته) لاتحصُل للعبد.. وقمّة رؤية الحق هي رؤيته بالرؤية المحمدية في الصورة المحمدية..لأن الحق لا يُرى إلا بالحق.. ولولا النسبة والصورة التي لسيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في كل فرد،لما استطاع الوجود الصمود،بل لكان محض عدم..فكل المخلوقات، والإنسان ب الخصوص،إنطبعوا بالقالب المحمدي في بساط الواحدية (حيث كانت المخلوقات فيه متأحدة في عين الكثرة)،قبل أن يكتسبوا الوجود العيني ويتّصفوا بالشيئية في بساط الربوبية..                       يقول إبن عربي: [إعلم أن قولهم (الذّوق أول مبادئ التجلّي) إعلام أن لكل تَجلّ مبدأ هو (ذوق ذلك التجلّي)،وهذا لا يكون إلا إذا كان (التجلي الإلهي) في (الصورة) أو في (الأسماء الإلهية أو الكونية) ليس غير ذلك..].يقول كمال الدين القاشاني: [صورة الحق: هي الحقيقة المحمدية التي هي مجمع البحرين،بحر الوجوب وبحر الإمكان.. فذلك الواحد هو صورة الحق].وفي سياق هذه النقولات،والتي هي غيض من فيض، نستحضر قول ابن برجان (الحق المخلوق به)،وهووصف من أوصاف مولانا رسول الله صلى الله عليه وسلم،فبسببه وُجد العالَم،وهو الغاية المطلوبة.. فلا شيء يخلو من سيدنا محمد (فأينما تولوا فثم وجه الله)،فهو الظاهر فيه المظاهر بحقيقته،وهو المُتقلّب فيهم والساجد بهم فيهم (ما خلقنا السموات والأرض وما بينهما إلا بالحق)،أي (محمد هو الحق)،ولا ينوب عن الحق إلا الحق. ومن هنا تَسميته ب(الحق المخلوق به) و(حقيقة الحقائق)..يقول إبن عربي: [.. فكل ما سوى الإنسان (خلق)،إلا الإنسان فإنه (خلق وحق). فالإنسان الكامل هو على الحقيقة (الحق المخلوق به)،أيالمخلوق بسببه العالم.وذلك لأن الغاية هي المطلوبة بالخلق المتقدّم عليها..وإنما قلنا (الكامل) لأن إسم الإنسان قد يطلق على المشبه به في الصورة..]..

                  وصلى الله وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد نبيّ الله،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء بضعة رسول الله،وآله وصحبه.

585 : عدد الزوار