شرح الصلاة 10من “خبيئة الأسرار”

بسم الله الرحمن الرحيم  الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الانبياء والمرسلين،وعلى مولاتنا فاطمة الزهراء سيدة نساء العالمين ،وعلى سيدتنا خديجة الكبرى ام المومنين ،وعلى اله وصحبه اجمعين.

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى ال سيدنا

 ومولانا محمد،الوساطة العظمى في التجليات الإلهية.فلاتعطيل لدائرة من الدوائر الكونية،إذ الكل من مقتضى الأسماء الإلهية، الماسكة للوجود بأياد خفية* والذي نفسي بيده لولم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون،فيستغفرون الله،فيغفر لهم*فلا يصدر عن الغفار إلا المغفرة﴿إن الله يحب التوٰبين﴾ وعن ذي الجود إلا الكرم﴿وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا﴾فما من شئ إلا وله مرتبة ترجع به إلى الأسماء الإلهية منها مدده. وجمال كل شئ بمرتبته، لابصورته فما في الوجود إلا الجمال ﴿صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة﴾وصحبه وسلم

اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا ومولانا محمد وعلى ال سيدنا ومولانا محمد،الوساطة العظمى في التجليات الإلهية

اعلم أن مقتضى الإسم الإلهي،لا يصل إلى أهل الكون مباشرة،بل لا بد من الإصطحاب مع النبوة المحمدية،لكي يكون اللطف في التجليات الإلهية “الله معطي وإنما أنا قاسم”لهذا أوجد الله تعالى من نوره،هذا البرزخ العظيم الجامع،وأفاض عليه جميع كمالاته وحلاه بأسمائه وصفاته ،فكان حاجزا بين المخلوقات وصدمات التجليات الإلهية.فلولاه لما استطاع الوجود الصمود،ولإضمحل من حينه لإنعدام المجانسة والمناسبة مع الله تعالى.فهو الرحمة المهداة “وما أرسلنٰك إلارحمة للعٰلمين”( المواقف الأحمدية الموقف  الثامن)

فالوساطة النبوية لا بد منها إذ لامجانسة بين الخالق والخلائق ،علاقة الخلائق مع حقيقة الحقائق سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم هو الواسطة،قال ابن مشيش (ولولا الواسطة لذهب كما قيل الموسوط.).

فالتجليات تكون بواسطة اسم الجلالة (الله) مصطحابا بحضرة نبوية . وبعد ذلك يظهر المقتضى وفق مراد الله.

قال شيخنا مولاي عبد السلام رضي الله عنه (ولو لم يكن التجلي بواسطة الاصطحاب لظهر في الكون اعوجاج ولم يبق على وفق المراد الذي أراده الله تعالى) وأشار الى هذا المعنى كذلك أبو الفيض الكتاني رضي الله عنه في مزج الأنموذجية بقوله(ولولا انبساط برزخيته الجامعة لصد الحرارة والبرودة لانهدت دعائم الموجودات ولم تقم على ساق. فبنفس انبساط أشعة شؤونه تماسكت أجزاء العالم وتفردت الرتبة الحقية عن الخلقية بما لها. فهو الممسوكات به الحضرات .. اهـ) فهذا من أمهات مهمات النبوة ،رحمة بالكون وأهله..فهو النور المُتجلى فيه كما انه لا تجل إلا منه،كما قال صاحب أسرار وحقائق في الصلاة 22..و 33….فهو مستقَر التجليات وهو قاسمها على الكائنات..الحاضر مع كل تجل عرف ذلك اهل الشهود بلا حلول ولااتحاد ولاوحدة وجود (ألم تر أن الله …) …افيخاطب الحق تعالى خليفته في الكون ب(ألم تر) و يكون هذا الشاهد غائبا ولم ير شيئا ؟..

فلاتعطيل لدائرة من الدوائر الكونية.،إذ الكل من مقتضى الأسماء الإلهية، الماسكة للوجود بأياد خفية.

التجليات الإلهية هي غذاء الكون وممدده ترتوي منها سائر الدوائر الكونية ،كي لا يتعطلُ سير الكائنات،إذ كل ما في الوجود من مقتضى الأسماء الإلهية،الماسكة للوجود بأياد خفية،ولوانتفت وساطة النبوة عن هذه التجليات الإلهية لحل الهلاك بالكون واهله والشاهد من القرآن (فَإِمَّا نَذۡهَبَنَّ بِكَ فَإِنَّا مِنۡهُم مُّنتَقِمُونَ) فالذهاب به يفتح المجال للجلال المحض.

وقال استاذنا “بأياد” إشارة لتعدد الأسماء وتشاجرها ،ولهذه الأسماء خُدّاما من الملائكة الموكلين بها فهم داخلون في مسمى الأيادي..وهي أيادي تأتمر بإرادة الله وتحت حكمه وطوع سلطانه ،أليس حكم الخليفة الكلي هو حكم الله ؟ أليست مبايعة رسوله صلى الله عليه وسلم هي مبايعة الله ؟(إِنَّ ٱلَّذِینَ یُبَایِعُونَكَ إِنَّمَا یُبَایِعُونَ ٱللَّهَ یَدُ ٱللَّهِ فَوۡقَ أَیۡدِیهِمۡۚ فَمَن نَّكَثَ فَإِنَّمَا یَنكُثُ عَلَىٰ نَفۡسِهِۦۖ وَمَنۡ أَوۡفَىٰ بِمَا عَـٰهَدَ عَلَیۡهُ ٱللَّهَ فَسَیُؤۡتِیهِ أَجۡرًا عَظِیما)..فهو صلى الله عليه و سلم  يد الله في الكون حلا وعقدا وحكما ،ومن تحته متصرفون بإذنه باعتبارهم الايادي الخفية لتصريف الأمر في الكون و أهله…و تأمل قوله صلى الله عليه وسلم في الحديث(الله المعطي وإنما أنا القاسم)..فالنبوة جمال محض وهي الواسطة في ايصال العطاءات الإلهية للعٰلمين : فلا بد أن يصل جمال النبوة لمن اوصلتْ له العطايا و إن كان في ظاهر العطايا الأسمائية جلال ألم يقل الحق تعالى (الله لا اله الا هو له الاسماء الحسنى).. تأمل : “الحسنى” فيها إمالة فتقرا الألف المقصورة ياءا، احْسُبْها ياءا تجد جُمّلها 19×7×3..إشارة لطلسم النبوة 19 الساري جماله في الكون 7 في كل وقت و حين3..(سُطرت بمداده الأقدار و الفهوم و جميع ما كان و ما يكون..النفس الرحماني الساري بكلمات الله التامات الدالات على كل امر معلوم و قضاء محتوم)الصلاة 87 من أسرار وحقائق ..

فهو صلى الله عليه وسلم  المُظْهِر للمقتضيات وإنْ تبدَّت وسائط الايادي الخفيات..فلولا هذا النور ما كان للاشياء ظهور..  لأنه ما مِن نعمة ظاهرة او باطنة إلا و النبوة ميزاب فيضها و يد مناولتها و مصدر إسدائها (فَٱمۡنُنۡ أَوۡ أَمۡسِكۡ بِغَیۡرِ حِسَاب) (الصلاة 90 من أسرار وحقائق). ..ومن تحقق اطّلاعُه على الذخائر المحمدية فعرف شؤون تلك التجليات الاسمائية صار من الآحاد في الخلقه. .

والذي نفسي بيده لولم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم غيركم يذنبون،فيستغفرون الله،فيغفر لهم*فلا يصدر عن الغفار إلا المغفرة﴿إن الله يحب التوٰبين﴾ وعن ذي الجود إلا الكرم﴿وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا﴾..

 من كمال رحمة النبوة بالعالمين أن الميم المحمدي ،يظهر في عالم الهياكل لاينقطع ظهوره ،فحينما يكون الاسم معرفا ومقتضاه معروفا تظهر الميم التي تقتضي وساطة النبوة في كل شئ فنقول

الرازق.. المرزوق

القادر.. المقدور

الغافر….المغفورله

الهادي … المهدي

فما من شئ إلا وله مرتبة ترجع به إلى الأسماء الإلهية منها مدده.

مامن  شيء إلاوهو راجع لمقتضى إسم إلهي(وَنَبۡلُوكُم بِٱلشَّرِّ وَٱلۡخَیۡرِ فِتۡنَة وَإِلَیۡنَا تُرۡجَعُونَ)..كلمة ” إِلَیۡنَا” راجعة للأسماء الإلهية في اصطحابها  بالنبوة،و اذا كسرت (إِلَیۡنَا )تجد جُمّلها مطابقا للعدد 92 وهو جُمّل الاسم الشريف “محمد” ..فالجميع راجع إليه صلى الله عليه وسلم  ظاهرا وباطنا حسا ومعنى..أليس هوعين الرحمة ؟(وَمَاۤ أَرۡسَلۡنَـٰكَ إِلَّا رَحۡمَة  لِّلۡعَـٰلَمِینَ)…قال تعالى ” ملاقوا ربهم وانهم اليه رجعون.جملها .53 ×9..لقاء الرب يكون في كل نَفس و مع كل تجل من أسمائه إليهم .. تأمل يا ولي جُمَّل كلمة “ربهم” تجدها  13×19..أي الطلسم النبوي 19 الساري في كل شيء بوجهته الحقية الاحدية13 ..

والرب من معانيه السيد والمربي والعائل لمن يعول ..انت رب الأسرة ..وهذا رب العمل ..و المولى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم مربي للعٰلمين وقاسم العطايا الإلهية كيفما كانت جلالية اوجمالية على العالمين.. فافهم قدر هذا النبي عظيم الشأن صلى الله عليه به…و إذا كان هومعيلهم وربهم ..فهُم راجعون إليه في دنياهم بما تستقيم به حياتهم..وواسطة لهم في الآخرة  “واخر دعواهم فيها سبحانك اللهم” (اتصال الميم المحمدي المدعم مع اسم الجلالة دلالة على وساطته) وجمال كل شئ بمرتبته، لابصورته فما في الوجود إلا الجمال﴿صبغة الله ومن أحسن من الله صبغة﴾   .

قال الاستاذ حفظه الله ونفعنا به في الموقف ٩٩(تجليات الأسماء الإلهية متعددة ،بتعدد صور الممكنات،فكما تظهر صورتك متعددة في مرايا متعددة ،فتبدو في كل مراة بزاوية خاصة ،ووجه مختلف،متكثر،وأنت أنت لم تتعدد، ولم تحل في المرايا،ولم تتحد معها. ولكل زمان تجليات تخصه ،بل لكل دقيقة تجل يخصها” كل يوم هو في شان “.(وليس عند الله يوم) فالتجليات الإلهية هي اليوم لتجدده وهي غذاء الكون ومدده،وهي التي تحفظ له بقاءه.فلا تكرار في الكون للوسع الإلهي،ومن أسماء الله الواسع.والكون الإلهي هو محل إنفعال الأسماء الالهية،….

فالإسم الإلهي الرزاق يطلب المرزوق،والغفار يطلب المذنب،والشافي يطلب المريض…وهكذا مع باقي الأسماء الإلهية.فلا تعطيل لدائرة من دوائر الاسماء الإلهية .قال صلى الله عليه وسلم :لولم تذنبوا لجاء الله بقوم يذنبون فيستغفرون فيغفرالله لهم “فنبهنا أن كل أمر يقع في الوجود إنما هولإظهارمقتضى إسم إلهي “وما كنا عن الخلق غٰافلين”.” كل يوم هو في شان فمن ينكر وصفا ظهر في الوجود فإنما ينكرعلى الإسم المظهر مقتضاه ،بحسب الإنفعال في ذلك المظهر”ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَرِهُوامَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأَحْبَطَ أَعْمَالَهُمْ“وقيل للذين اتقوا ماذا أنزل ربكم قالوا خيرا” فكل ما في العالم خيرمحض،بفارق أن بعضه خيراباطنا وظاهرا ،وبعضه خيرا باطنا فقط ولله ذر القائل :

          ماهوموجود من البلاء وعافية=خيرمحض والشر مستعار

فعود بصرك على أن لايرى إلا الخير،واترك العباد وشأنهم مع خالقهم. فلا شئ يقع في كون الله خارج إرادة الله ،ولايستطيع أحد أن يطيع الله ولا أن يعصىاه ،بدون قضاء وقدرسابق ،وأرح نفسك.)..   فمامن شيء إلا وهو تابع للتجليات تحقيقا.. وأرزاقهم كذلك تابعة للتجليات الإلهية سواء كانت رزقا حسيا أو معنويا، تناسلهم أمراضهم، أفراحهم،أتراحهم ومناسباتهم،موتهم …كله تابع لتجل الاهي ﴿وَمَا تَسْقُطُ مِن وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَاحَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَارَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُّبِينٍ ﴾هذا في حق ورقة فمابالك بمن خُلق على الصورة،فلا شئ يخرج عن حكم الله ﴿ألا له الخلق والأمر﴾ فمن هذه التجليات يرتوي الكون و أهل الملك،كي لا يتعطل سير الكائنات (شرح صلاة التجلي للاستاذ حفظه الله.). و الحمد لله وصلى الله على سيدنا محمد نبي الله ،وعلى الزهراء بَضعة رسول الله ،وعلى اله وصحبه.

الفقير الى عفو ربه ابن الهاشمي.

815 : عدد الزوار