أية الكرسي: صفات ذاتية وتجليات لا متناهية

 أية الكرسي: صفات ذاتية وتجليات لا متناهية

بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيدنا ومولانا محمد النبي الامين

بدأت آية الكرسي باسم الجلالة “الله” ، وهو الاسم الجامع ثم تبعه التوحيد بالهوية الالهية . لا إله إلا هو.

ثم جاءت  صفتي ذاتيتين لله : الحياة والقيومية.

فلولا صفة الحياة لما كانت حياة الكون ولولا القيومية لما قامت امور العباد. فالكون يستمد حياته من اسمه الحي، والقيوم قام بشؤونهم ولم يكلهم الى انفسهم. وهذا في الحقيقة توحيد. أن تعتقد ان لا فاعل الا الله وان كل شؤون العباد راجعة إليه ” اليه يرجع الامر كله”

ووردت  تلك الأسماء ب ” ال” التعريفية والتعريف ظهور. بينما النكرة خفاء.

روي عن سنن ابن ماجه أن رسول الله قال: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب في سور ثلاث البقرة وآل عمران وطه.

﴿ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُۚ ﴾ [البقرة ٢٥٥]

﴿ٱللَّهُ لَاۤ إِلَـٰهَ إِلَّا هُوَ ٱلۡحَیُّ ٱلۡقَیُّومُ﴾ [آل عمران ٢]

﴿ وَعَنَتِ ٱلۡوُجُوهُ لِلۡحَیِّ ٱلۡقَیُّومِۖ وَقَدۡ خَابَ مَنۡ حَمَلَ ظُلۡما﴾ [طه ١١١]

ولذلك ذهب جمع من اهل العلم ان الحي القيوم هو اسم الله الأعظم.

وذلك لكونه جامعا لكل المطالب. فباسمه الحي وجدت الاشياء وبالقيومية يتم مراقبة ما تم إيجاده، فيسير وفق ما قدره الله تعالى له .

فأنت عندما تسأل الله أمرا معينا يخصك ،تطلب إظهار تجلي معين علمت ذلك ام لم تعلمه. ولذلك قال صلى الله عليه وسلم “إذا سألت فاسأل الله. فكلها مقتضيات الاسماء الالهية.

 فلا تطلب مقتضى اسم من اسماء الله عند عبد من عباد  الله؟؟! لا يملك لنفسه ضرا ولا نفعا

فتضع الامور في غير موضعها

وإيجاد حل للمشكل الذي تدعو الله ان يرفعه عنك متعلق إما بمقتضى  اسمه الحي  او تحويل شيء وهو راجع الى اسمه تعالى القيوم.

ولذلك فتحقيق المطالب متعلق بهادين الاسمين أساسا.

ومن هذا الباب اعتبروه اسم الله الأعظم.  ولكن الاستجابة متعلقة بالطالب. والسر في الطالب.

فباسمه الحي قامت الحياة.

وباسمه القيوم قامت مقتضيات الاسماء والصفات.

وهذه من أدعية شيخنا قدس الله سره : يا قيوم قوِّم حياتي بالرزق الواسع والتيسير والتسخير والأسباب الناجحة.

ثم قال تعالى ” لا تاخذه سنة ولانوم. أي ان التجليات لا تتوقف لحظة عن الكون لو توقفت لفنى الكون. فالسكون تجلي والحركة تجلي…والتجليات غذاء الكون واساس استمراريته

حتى الورقة تسقط من الشجرة تابعة لتجل معين. والضلال تابع لتجل معين

وذكرك وترقيك في المقامات تابع لتجل معين.

الكل بارادة الله لا دخل للعباد في ذلك.

فمن سبقت له العناية وكان من اهل الولاية فليحمد الله ان جعله من اهل الفلاح.

” لا تاخذه سنة و لا نوم” أي ان التجلي كما هو في بدايته كما هو في نهايته. لا يشوبه نقص او تغير. ولا يتوقف ابدا ولذلك نفى  السنة و النوم.

كل الاسماء 99 دائمة  التجلي. لايوجد اسم منها دائرته معطلة.

تمد  الأكوان بتنوعها وتشاجرها  وظهور مقتضياتها. جلال وجمال و كمال

 كل الاسماء تشتغل بلا تتوقف ،لو توقفت لتوقف الكون. هي وقود الكون ومحركه ومهندسه. لهذ فاية الكرسي أعظم آية في كتاب الله. فهي تدل على عظمة كتاب الله .نالت القطبانية على باقي الايات

قال تعالى “له ما في السموات ومافي الارض.

وصف نفسه بالالوهية ثم الوحدانية ثم الهوية ثم الحياة والقيومية. ثم بيَّن صفة الملك فقال له مافي…الكل ملكه سبحانه وتعالى

وبعد ان بين صفاته الذاتية عرج على البشرية. فقال “من ذا الذي يشفع عنده الا باذنه.

فنفى الشفاعة عن الجميع وتركها لحبيبه صلى الله عليه وسلم.

فكان اول الاوصاف بعد الصفات الذاتية هو وصف مقام الخصوصية الذي حضي به نبينا صلى الله عليه وسلم.

و لايشفع الا من كان مقربا. وقد أغلق باب الشفاعة على أهل الارض والسماء وفتح له صلى الله عليه وسلم وحده في يوم يكون التجلي فيه جلالي.

وبعد ذلك بين ان الاسماء والصفات وردت للتعريف بالله و لصلاح العباد.” يعلم مابين ايديهم وما خلفهم ولا يحيطون بشيء من علمه الا بما شاء.”

فأعطى المثال بصفة العلم. فجعل العلم المطلق له. وجعل تجلياته تسقي الكون وأهله كل على وفق استعداده اذ الامداد على قدر الاستعداد

و وفق التقديرات الاولية  مربوط بالمشيئة الالهية وهو قوله تعالى  “إلا بما شاء”.

وبيَّن ان مقدار ما يصل الى العباد من تجلي الصفات هو شيء قليل أذ الرحمة تقف سدا منيعا امام الجلال. ولذلك قال “إلا “والاستثناء كما هو معلوم يكون إستثناء جزء  من كل.

والباء في “بما شاء”  جازت كذلك ان تكون باء واسطة. يعني بواسطة ما يشاء.

نعم هو تحدي للكون بأسره.

من ذا الذي يستطيع هذا المقام فليتقدم

كقوله تعالى للملائكة انبؤني بأسماء هؤلاء…

فبرزخيته صلى عليه وسلم مطلسمة لا يعرفها إلا أهلها. برزخا مطلسم.وسر مكتم وهذه حقيقة الامر

كما خفيت في آية الكرسي كذلك خفيت في الوجود.

قوله تعالى. “وسع كرسيه السماوات والأرض ولايؤذه حفظهما”.

كلمة وسع تعني ان الكرسي أوسع من السموات والارض. ولكنه وسعهما اي هناك مناسبته بينهما.

وسع وردت 3 مرات في المصحف من غير هذه.

“وسع ربنا كل شيء علما”.   مرتين

” رَبَّنَا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَّحْمَةً وَعِلْمًا “.   مرة.  فهذه الوسع  الالهي راجع الى الرحمة وتاى العلم.

والرحمة معروف مصدرها  وصاحبها   

و الكرسي صفة للحقيقة المحمدية القريبة من الكون واهله.

فوسعها للكون هو وسع رحمة وتخفيف للتجليات. ويدل على هذا جمل كلمة كرسي =106*5.    106 هي كلمة اللهم. و5 عدد له علاقة بالتجلي…

وبين ان هذا الوسع غرضه الرحمة فقال ولا يؤذه حفظهما.

فهو وسع   لطف  بالمخلوقات وحفظ من حرارة التجليات.

فهي مرتبة الميم من كلمة اللهم. والميم حرف دائري الشكل والدائرة لها الاحاطة والوسع.

تفصل بين عالم محدود داخل الدائرة وعالم لا محدود خارجها.

وفي المعراج وصل صلى الله عليه وسلم الى حدود تلك الدائرة او الحد الخارجي لها وهو المعبر عنه بسدرة المنتهى وفيها توقف سيدنا جبريل

والوحيد الذي يمكنه الخروج من الدائرة الى العوالم اللامحدودة خارجها هو النبي صلى الله عليه وسلم

دائرة حفظ ورعاية للكون واهله.

وختم بصفتي الكبرياء. علي عظيم.

والله اعلم

ابو احمد

1٬262 : عدد الزوار